للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كما قال ابن عباس [رضي الله عنهما]

قال إسحاق: كما قال.٢


١ عن القاسم بن محمد قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: يا أبا العباس: إن لي إبلاً وأنا أمنح منها، وأفقر، وفي حجري يتيم وله إبل، فما يحل لي من إبل يتيمي؟
قال: إن كنت تبغي ضالة إبله، وتهنأ جرباها، وتلوط حياضها، وتسعى عليها، فاشرب غير مضر بنسل، ولا ناهك في حلب.
السنن الكبرى ٦/٢٨٤، كتاب الوصايا، باب ولي اليتيم يأكل من ماله إذا كان فقيرا، مكان قيامه عليه بالمعروف.
٢ انظر قول الإمام إسحاق رحمه الله في الأوسط ٣/١٧٦.
واختلف الجمهور في الأكل بالمعروف ما هو؟
فقال قوم: هو القرض إذا احتاج، ويقضي إذا أيسر، ولا يستسلف أكثر من حاجته، قاله عمر بن الخطاب، وابن عباس، وعبيدة، وابن جبير، والشعبي، ومجاهد، وأبو العالية، وهو قول الأوزاعي، ورواية عن الإمام أحمد.
قال عمر رضي الله عنه: ألا إني أنزلت نفسي من مال الله منزلة الولي من مال اليتيم إذا استغنيت، وإن افتقرت أكلت بالمعروف، فإذا أيسرت قضيت.
وروي عن إبراهيم وعطاء والحسن البصري وقتادة: لا قضاء على الوصي الفقير فيما يأكل بالمعروف، لأن ذلك حق النظر، وعليه الفقهاء.
والدليل على صحة هذا القول: جماع الأمة على أن الإمام الناظر للمسلمين لا يجب عليه غرم ما أكل بالمعروف، لأن الله تعالى قد فرض سهمه في مال الله، فلا حجة لهم في قول عمر رضي الله عنه: فإن أيسرت قضيت - أي لو صح-.
وروي عن ابن عباس وأبي العالية، والشعبي: أن الأكل بالمعروف هو كالانتفاع بألبان المواشي، واستخدام العبيد، وركوب الدواب، إذا لم يضر بأصل المال.
وروي عن مجاهد قوله: ليس أن له يأخذ قرضاً ولا غيره، وذهب إلى أن الآية منسوخة، نسخها قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} سورة النساء آية ٢٩.
وقال: وهذا ليس بتجارة، وبه قال زيد بن أسلم. وحكى بشر بن الوليد عن أبي يوسف قال: لا أدري، لعل هذه الآية منسوخة.
وقال القرطبي: وكان شيخنا الإمام أبو العباس يقول: إن كان مال اليتيم كثيراً يحتاج إلى كبير قيام عليه بحيث يشغل الولي عن حاجته ومهماته، فُرض له فيه أجر عمله، وإن كان تافهاً لا يشغله عن حاجته، فلا يأكل منه شيئاً، غير أنه يستحب له شرب قليل اللبن، وأكل القليل من الطعام والسمن، غير مضر به، ولا مستكثر له، على ما جرت

<<  <  ج: ص:  >  >>