للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فيأنس لذلك، وقال العيني: يوضح ذلك ما رواه ابن خزيمة في صحيحه عن عثمان بن أبي العاص أن وفد ثقيف لما قدموا أنزلهم النبي- صلى الله عليه وسلم- المسجد ليكون أرق لقلوبهم، وقال جبير بن مطعم فيما ذكره أحمد رحمه الله: دخلت المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم يصلي المغرب فقرأ بالطور فكأنما صدع قلبي حين سمعت القرآن (١) . فالمسجد دار استصلاح ومركز توجيه وتعليم وإرشاد وتذكير لعل الغافل يستيقظ، والضال يثوب إلى رشده ويعود من غيه، وحلق الذكر مأوى الأخيار، وملتقى الأبرار، ولا يجفوها إلا معرض، والجزاء من جنس العمل فمن أعرض أعرض الله عنه، ومن أوى إلى الله آواه الله قال تعالى: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ يُرِيدُونَ وَجْهَهُ وَلَا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ} [الكهف: ٢٨] (٢) وعن أبي واقد الليثي رضي الله عنه قال: «بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فأقبل ثلاثة نفر، فأقبل اثنان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهب واحد، أما أحدهما فرأى فرجة فجلس، وأما الآخر فجلس خلفهم، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا أخبركم عن الثلاثة؟ أما أحدهم فآوى إلى الله فآواه الله،


(١) عمدة القاري ٤ / ٢٣٧ - ٢٣٨.
(٢) الكهف: آية ٢٨.

<<  <   >  >>