للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والفراش ونحو ذلك مقدور، فعليكم العدل فيها بينهن، بخلاف الحب والوطء وتوابع ذلك، فالعبد لا يملك نفسه فعذره الله، وقوله: ﴿فَتَذَرُوهَا كَالْمُعَلَّقَةِ﴾ [النساء: ١٢٩] يعني: أن الزوج إذا مال عن زوجته وزهد فيها ولم يقم بحقوقها الواجبة، وهي في حباله أسيرة عنده صارت كالمعلقة التي لا زوج لها فتستريح، ولا ذات زوج يقوم بحقوقها، وإن تصلحوا فيما بينكم وبين زوجاتكم بوجه من وجوه الصلح كما تقدم، وبمجاهدة أنفسكم على فعل ما لا تهواه النفس احتسابا وقياما بحق الزوجة، وتصلحوا أيضا فيما بينكم وبين الناس فيما تنازعتم به من الحقوق، وتتقوا الله بامتثال أمره واجتناب نهيه ﴿فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ [النساء: ١٢٩]

﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِنْ سَعَتِهِ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٣٠]

يعني: إذا تعذر الاتفاق والالتئام فلا بأس بالفراق، فقال: ﴿وَإِنْ يَتَفَرَّقَا﴾ [النساء: ١٣٠] أي: بفسخ أو طلاق أو خلع أو غير ذلك ﴿يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا﴾ [النساء: ١٣٠] من الزوجين ﴿مِنْ سَعَتِهِ﴾ [النساء: ١٣٠] أي: من فضله وإحسانه العام الشامل، فيغني الزوج بزوجة خير له منها، ويغنيها من فضله برزق من غير طريقه، فإنها وإن توهمت أنه إذا فارقها زوجها المنفق عليها القائم بمؤنتها ينقطع عنها الرزق، فسوف يغنيها الله من فضله، فإن رزقها ليس على الزوج ولا على غيره، بل على المتكفل القائم بأرزاق الخليقة كلها، وخصوصا من تعلق قلبه به ورجاه رجاء قلبيا طامعا في فضله كل وقت، فإن الله عند ظن عبده به، ولعل الله يرزقها زوجا خيرا لها منه وأنفع ﴿وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا﴾ [النساء: ١٣٠] أي: واسع الرحمة كثير الإحسان ﴿حَكِيمًا﴾ [النساء: ١٣٠] في وضعه الأمور مواضعها.

<<  <   >  >>