للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(٨٦) سورة الطارق [١] {وَالسَّمَاءِ وَالطَّارِقِ} [الطارق: ١] وهذا قسم، والطارق النَّجْمُ يَظْهَرُ بِاللَّيْلِ، وَمَا أَتَاكَ لَيْلًا فَهُوَ طَارِقٌ.

[٢] {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِقُ} [الطَّارِقُ: ٢]

[٣] ثُمَّ فَسَّرَهُ فَقَالَ: {النَّجْمُ الثَّاقِبُ} [الطارق: ٣] أَيِ الْمُضِيءُ. الْمُنِيرُ، قَالَ مُجَاهِدٌ: المتوهج.

[٤] {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ} [الطارق: ٤] جَوَابُ الْقَسَمِ، {لَمَّا عَلَيْهَا حَافِظٌ} [الطارق: ٤] كُلُّ نَفْسٍ عَلَيْهَا حَافِظٌ مِنْ رَبِّهَا يَحْفَظُ عَمَلَهَا وَيُحْصِي عَلَيْهَا مَا تَكْتَسِبُ مِنْ خَيْرٍ وَشَرٍّ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُمُ الْحَفَظَةُ من الملائكة.

[٥] {فَلْيَنْظُرِ الْإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} [الطارق: ٥] أي فليتفكر مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ رَبُّهُ، أَيْ فَلْيَنْظُرْ نَظَرَ الْمُتَفَكِّرِ.

[٦] ثُمَّ بَيَّنَ فَقَالَ: {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: ٦] مَدْفُوقٍ أَيْ مَصْبُوبٍ فِي الرَّحِمِ، وَهُوَ الْمَنِيُّ، فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ كقوله: {عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ} [الحاقة: ٢١] وَالدَّفْقُ الصَّبُّ وَأَرَادَ مَاءَ الرَّجُلِ وَمَاءَ الْمَرْأَةِ لِأَنَّ الْوَلَدَ مَخْلُوقٌ مِنْهُمَا، وَجَعَلَهُ وَاحِدًا لِامْتِزَاجِهِمَا.

[٧] {يَخْرُجُ مِنْ بَيْنِ الصُّلْبِ وَالتَّرَائِبِ} [الطارق: ٧] يَعْنِي صُلْبَ الرَّجُلِ وَتَرَائِبَ الْمَرْأَةِ والترائب جُمَعُ التَّرِيبَةِ وَهِيَ عِظَامُ الصَّدْرِ والنحر.

[٨] {إِنَّهُ عَلَى رَجْعِهِ لَقَادِرٌ} [الطارق: ٨] قَالَ مُجَاهِدٌ: عَلَى رَدِّ النُّطْفَةِ فِي الْإِحْلِيلِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: عَلَى رَدِّ الْمَاءِ فِي الصُّلْبِ الَّذِي خَرَجَ مِنْهُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: إِنَّهُ عَلَى رَدِّ الْإِنْسَانِ مَاءً كَمَا كَانَ مِنْ قَبْلُ لِقَادِرٌ، وَقَالَ قَتَادَةُ: إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - عَلَى بعث الانسان وإعادته بعد الموت قَادِرٌ. وَهَذَا أَوْلَى الْأَقَاوِيلِ.

[٩] لِقَوْلِهِ: {يَوْمَ تُبْلَى السَّرَائِرُ} [الطارق: ٩] وَذَلِكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، تُبْلَى السَّرَائِرُ تظهر الخفايا. قَالَ عَطَاءُ بْنُ أَبِي رَبَاحٍ: السَّرَائِرُ فَرَائِضُ الْأَعْمَالِ، كَالصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ وَالْوُضُوءِ وَالِاغْتِسَالِ مِنَ الْجَنَابَةِ، فَإِنَّهَا سَرَائِرُ بَيْنَ اللَّهِ - تَعَالَى - وَبَيْنَ الْعَبْدِ، فَلَوْ شَاءَ الْعَبْدُ لَقَالَ: صُمْتُ وَلَمْ يَصُمْ، وَصَلَّيْتُ وَلَمْ يصل.

[١٠] {فَمَا لَهُ مِنْ قُوَّةٍ وَلَا نَاصِرٍ} [الطارق: ١٠] أَيْ مَا لِهَذَا الْإِنْسَانِ الْمُنْكِرِ لِلْبَعْثِ مِنْ قُوَّةٍ يَمْتَنِعُ بِهَا مِنْ عَذَابِ اللَّهِ وَلَا نَاصِرَ يَنْصُرُهُ مِنَ اللَّهِ.

[١١] ثُمَّ ذَكَرَ قَسَمًا آخَرَ فَقَالَ: {وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ} [الطارق: ١١] أَيْ ذَاتِ الْمَطَرِ لِأَنَّهُ يَرْجِعُ كُلَّ عَامٍ وَيَتَكَرَّرُ. وَقَالَ ابْنُ عباس: هو السحاب يرجع المطر.

[١٢] {وَالْأَرْضِ ذَاتِ الصَّدْعِ} [الطارق: ١٢] أي تصدع وَتَنَشَقُّ عَنِ النَّبَاتِ وَالْأَشْجَارِ وَالْأَنْهَارِ.

[١٣] وجواب القسم قوله: {إِنَّهُ} [الطارق: ١٣] يعني القرآن، {لَقَوْلٌ فَصْلٌ} [الطارق: ١٣] حَقٌّ وَجِدٌ يَفْصِلُ بَيْنَ الْحَقِّ والباطل.

[١٤] {وَمَا هُوَ بِالْهَزْلِ} [الطارق: ١٤] بِاللَّعِبِ وَالْبَاطِلِ.

[١٥] ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ مُشْرِكِي مَكَّةَ فَقَالَ: {إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْدًا} [الطارق: ١٥] يَخَافُونَ النَّبِيَّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَيُظْهِرُونَ مَا هُمْ عَلَى خلافه.

<<  <  ج: ص:  >  >>