للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فِي الدُّنْيَا إِلَّا أَرَاهُ اللَّهُ له يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَأَمَّا الْمُؤْمِنُ فَيَرَى حَسَنَاتِهِ وَسَيِّئَاتِهِ فَيَغْفِرُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِ ويثيبه بحسناته، وأما الكافر فيرد حسناته ويعذب بسيئاته.

[سورة العاديات]

[قوله تعالى وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا. . .]

(١٠٠) سورة العاديات [١] {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحًا} [العاديات: ١] هِيَ الْخَيْلُ الْعَادِيَةُ فِي سَبِيلِ الله تَضْبَحُ، وَالضَّبْحُ صَوْتُ أَجْوَافِهَا إِذَا عدت، "قوله: (ضَبْحًا) نُصِبَ عَلَى الْمَصْدَرِ، مَجَازُهُ: وَالْعَادِيَّاتُ تَضْبَحُ ضَبْحًا. وَقَالَ عَلِيٌّ: هِيَ الْإِبِلُ فِي الْحَجِّ تَعْدُو مِنْ عَرَفَةَ إِلَى الْمُزْدَلِفَةِ وَمِنَ المزدلفة إلى منى.

[٢] {فَالْمُورِيَاتِ قَدْحًا} [العاديات: ٢] هِيَ الْخَيْلُ تُورِي النَّارَ بِحَوَافِرِهَا إِذَا سَارَتْ فِي الْحِجَارَةِ، يَعْنِي وَالْقَادِحَاتِ قَدْحًا يَقْدَحْنَ بِحَوَافِرِهِنَّ، وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَزَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: هِيَ مَكْرُ الرِّجَالِ، يَعْنِي رِجَالَ الْحَرْبِ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ إِذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يَمْكُرَ بِصَاحِبِهِ: أَمَا وَاللَّهِ لِأَقْدَحَنَّ لَكَ ثُمَّ لْأُوَرِّيَنَّ لَكَ.

[٣] {فَالْمُغِيرَاتِ صُبْحًا} [العاديات: ٣] هِيَ الْخَيْلُ تُغِيرُ بِفُرْسَانِهَا عَلَى الْعَدُوِّ عِنْدَ الصَّبَاحِ، هَذَا قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ الْقُرَظِيُّ: هِيَ الْإِبِلُ تَدْفَعُ بِرُكْبَانِهَا يَوْمَ النَّحْرِ مِنْ جَمْعٍ إِلَى مِنًى، وَالسُّنَّةُ ألا تدفع حَتَّى تُصْبِحَ وَالْإِغَارَةُ سُرْعَةُ السَّيْرِ.

[٤] {فَأَثَرْنَ بِهِ} [العاديات: ٤] أي هيجن بمكان سيرها كِنَايَةٌ عَنْ غَيْرِ مَذْكُورٍ لِأَنَّ المعنى مفهوم، {نَقْعًا} [العاديات: ٤] غُبَارًا وَالنَّقْعُ الْغُبَارُ.

[٥] {فَوَسَطْنَ بِهِ جَمْعًا} [العاديات: ٥] أي دخلن به وسط العدو، قال القرظي: يعني جمع منى أَقْسَمَ اللَّهُ بِهَذِهِ الْأَشْيَاءِ.

[٦] {إِنَّ الْإِنْسَانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ} [العاديات: ٦] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: لَكَنُودٌ لِكَفُورٌ جَحُودٌ لِنِعَمِ اللَّهِ - تَعَالَى -. قَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ بِلِسَانِ مُضَرَ وَرَبِيعَةَ: الْكَفُورُ، وَبِلِسَانِ كِنْدَةَ وَحَضْرَمَوْتَ: الْعَاصِي. وَقَالَ الْحَسَنُ: هُوَ الَّذِي يَعُدُّ الْمَصَائِبَ وَيَنْسَى النِّعَمَ. وَقَالَ عَطَاءٌ: هُوَ الَّذِي لَا يُعْطِي فِي النَّائِبَةِ مَعَ قَوْمِهِ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: هُوَ قَلِيلُ الْخَيْرِ، وَالْأَرْضُ الْكَنُودُ الَّتِي لَا تنبت شيئا.

[٧] {وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ} [العاديات: ٧] قَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى كَوْنِهِ كَنُودًا لَشَاهِدٌ. وَقَالَ ابْنُ كَيْسَانَ: الْهَاءُ رَاجِعَةٌ إِلَى الْإِنْسَانِ أَيْ إِنَّهُ شَاهِدٌ عَلَى نفسه بما يصنع.

[٨] {وَإِنَّهُ} [العاديات: ٨] يعني الانسان {لِحُبِّ الْخَيْرِ} [العاديات: ٨] أي لحب المال، {لَشَدِيدٌ} [العاديات: ٨] أَيْ لَبَخِيلٌ، أَيْ إِنَّهُ مِنْ أَجْلِ حُبِّ الْمَالِ لَبَخِيلٌ. يُقَالُ لِلْبَخِيلِ: شَدِيدٌ وَمُتَشَدِّدٌ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَقَوِيٌّ أَيْ شَدِيدٌ الْحُبِّ لِلْخَيْرِ، أَيِ الْمَالِ.

[٩] {أَفَلَا يَعْلَمُ} [العاديات: ٩] هذا الإنسان، {إِذَا بُعْثِرَ} [العاديات: ٩] أُثِيرَ وَأُخْرِجَ، {مَا فِي الْقُبُورِ} [العاديات: ٩]

[١٠] {وَحُصِّلَ مَا فِي الصُّدُورِ} [العاديات: ١٠] أَيْ مُيِّزَ وَأُبْرِزَ مَا فِيهَا مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ.

[١١] {إِنَّ رَبَّهُمْ بِهِمْ} [العاديات: ١١] جَمَعَ الْكِنَايَةَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ اسْمٌ الجنس، {يَوْمَئِذٍ لَخَبِيرٌ} [العاديات: ١١] عالم، قال الزجاج: اللَّهَ خَبِيرٌ بِهِمْ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ وَفِي غَيْرِهِ وَلَكِنَّ الْمَعْنَى أَنَّهُ يُجَازِيهِمْ عَلَى كُفْرِهِمْ فِي ذلك اليوم.

[سورة القارعة]

[قوله تعالى الْقَارِعَةُ مَا الْقَارِعَةُ وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ] . . .

(١٠١) سورة القارعة [١] {الْقَارِعَةُ} [الْقَارِعَةُ: ١] اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقِيَامَةِ لِأَنَّهَا تَقْرَعُ الْقُلُوبَ بِالْفَزَعِ.

[٢] {مَا الْقَارِعَةُ} [الْقَارِعَةُ: ٢] تَهْوِيلٌ وَتَعْظِيمٌ.

[٣ - ٤] {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْقَارِعَةُ - يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ} [القارعة: ٣ - ٤] الفراش الطير الَّتِي تَرَاهَا تَتَهَافَتُ فِي النَّارِ والمبثوث المفرق. وَقَالَ الْفَرَّاءُ: كَغَوْغَاءِ الْجَرَادِ شَبَّهَ الناس عند البعث بها يَمُوجُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ وَيَرْكَبُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا مِنَ الْهَوْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>