للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أُخْتُ أَبِي سُفْيَانَ {حَمَّالَةَ الْحَطَبِ} [المسد: ٤] قال زَيْدٍ وَالضَّحَّاكُ: كَانَتْ تَحْمِلُ الشَّوْكَ وَالْعَضَاةَ فَتَطْرَحُهُ فِي طَرِيقِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَأَصْحَابِهُ لِتَعْقِرَهُمْ، وَهِيَ رِوَايَةُ عَطِيَّةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ. كَانَتْ تَمْشِي بِالنَّمِيمَةِ وَتَنْقُلُ الْحَدِيثَ فَتُلْقِي الْعَدَاوَةَ بَيْنَ النَّاسِ، وَتُوقِدُ نَارَهَا كَمَا تُوقَدُ النار الحطب، يُقَالُ: فُلَانٌ يَحْطِبُ عَلَى فُلَانٍ إذا كان يغري به.

[٥] {فِي جِيدِهَا} [المسد: ٥] فِي عُنُقِهَا، وَجَمْعُهُ أَجْيَادٌ، {حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ} [المسد: ٥] وَاخْتَلَفُوا فِيهِ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَعُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: سِلْسِلَةٌ مِنْ حَدِيدٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعًا تَدْخُلُ فِي فِيهَا وَتَخْرُجُ مِنْ دُبُرِهَا، وَيَكُونُ سَائِرُهَا فِي عُنُقِهَا وَأَصْلُهُ من المسد وهو الفتل, والمسد مَا فُتِلَ وَأُحْكِمَ مِنْ أَيِّ شَيْءٍ كَانَ، يَعْنِي السِّلْسِلَةَ الَّتِي فِي عُنُقِهَا فَفُتِلَتْ مِنَ الْحَدِيدِ فَتْلًا مُحْكَمًا. وَرَوَى الْأَعْمَشُ عَنْ مُجَاهِدٍ: مِنْ مَسَدٍ أَيْ مِنْ حديد. قَالَ ابْنُ زَيْدٍ: حَبْلٌ مِنْ شَجَرٍ يَنْبُتُ بِالْيَمَنِ يُقَالُ لَهُ مَسَدٌ، قَالَ قَتَادَةُ: قِلَادَةٌ مَنْ وَدَعٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: كَانَتْ خَرَزَاتٌ في عنقها.

[سورة الإخلاص]

[قوله تَعَالَى قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ. . .]

[١١٢] سورة الإخلاص [١] {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} [الْإِخْلَاصِ: ١] رَوَى أَبُو الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ أَنَّ الْمُشْرِكِينَ قَالُوا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: انْسُبْ لَنَا رَبَّكَ فَأَنْزَلَ الله - تعالى - هَذِهِ السُّورَةَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) أَيْ وَاحِدٌ، وَلَا فَرْقَ بين الواحد والأحد.

[٢] {اللَّهُ الصَّمَدُ} [الإخلاص: ٢] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَالْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: الصَّمَدُ الَّذِي لَا جَوْفَ لَهُ. قَالَ الشَّعْبِيُّ: الَّذِي لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ. وَقِيلَ تَفْسِيرُهُ مَا بَعْدَهُ. رَوَى أَبُو الْعَالِيَةِ عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ، قَالَ: الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ، لِأَنَّ مَنْ يُولَدُ سَيَمُوتُ وَمَنْ يَرِثُ يُورَثُ مِنْهُ. قَالَ أَبُو وَائِلٍ شَقِيقُ بْنُ سَلَمَةَ: هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي قد انتهى سؤدده. وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ السُّؤْدُدِ. وَعَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَيْضًا: هُوَ الْكَامِلُ فِي جَمِيعِ صِفَاتِهِ وَأَفْعَالِهِ. وَقِيلَ: هُوَ السَّيِّدُ الْمَقْصُودُ فِي الْحَوَائِجِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: الصَّمَدُ الْبَاقِي بَعْدَ فَنَاءِ خَلْقِهِ. وَقَالَ عِكْرِمَةُ: الصَّمَدُ الذي ليس فوقه أحد. وَقَالَ الرَّبِيعُ: الَّذِي لَا تَعْتَرِيهِ الْآفَاتُ. قَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: الَّذِي لَا عَيْبَ فِيهِ.

[٣ - ٤] {لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ - وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ} [الإخلاص: ٣ - ٤] قرأ حمزة وإسماعيل (كُفُوًا) سَاكِنَةُ الْفَاءِ مَهْمُوزًا، وَقَرَأَ حَفْصٌ عَنْ عَاصِمٍ بِضَمِّ الْفَاءِ مِنْ غَيْرِ هَمْزٍ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِضَمِّ الْفَاءِ مَهْمُوزًا، وَكُلُّهَا لُغَاتٌ صَحِيحَةٌ، وَمَعْنَاهُ: الْمِثْلُ أَيْ هُوَ أَحَدٌ، وقيل: هو على التقديم والتأخير مجازه: لم يَكُنْ لَهُ أَحَدٌ كُفُوًا أَيْ مِثْلًا. قَالَ مُقَاتِلٌ: قَالَ مُشْرِكُو الْعَرَبِ: الْمَلَائِكَةُ بَنَاتُ اللَّهِ، وَقَالَتِ اليهود: عزيز ابْنُ اللَّهِ، وَقَالَتِ النَّصَارَى: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، فَأَكْذَبَهُمُ اللَّهُ وَنَفَى عن ذاته الولادة والمثل.

[سورة الفلق]

[قوله تعالى قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ] . . .

(١١٣) سورة الْفَلَقِ [١] {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} [الْفَلَقِ: ١] أَرَادَ بِالْفَلَقِ الصُّبْحُ، وَهُوَ قول أكثر المفسرين، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ سِجْنٌ فِي جَهَنَّمَ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: وَادٍ فِي جَهَنَّمَ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يعني الخلق، وَالْأَوَّلُ هُوَ الْمَعْرُوفُ.

[٢ - ٣] {مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ - وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} [الفلق: ٢ - ٣] الْمُرَادُ بِهِ الْقَمَرُ إِذَا خَسَفَ وَاسْوَدَّ: وَقَبَ أَيْ دَخَلَ فِي الخسوف أو أخذ فِي الْغَيْبُوبَةِ وَأَظْلَمَ. وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: الْغَاسِقُ اللَّيْلُ إِذَا أَقْبَلَ بِظُلْمَتِهِ مِنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>