للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَافْعَلْ {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: ٣٥] فَآمَنُوا كُلُّهُمْ، {فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْجَاهِلِينَ} [الأنعام: ٣٥] أَيْ: بِهَذَا الْحَرْفِ، وَهُوَ قَوْلُهُ: {وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى} [الأنعام: ٣٥] وَأَنَّ مَنْ يَكْفُرْ لِسَابِقِ عِلْمِ الله فيه.

[قوله تعالى إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى] يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ. . . . .

[٣٦] ، {إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ} [الأنعام: ٣٦] يَعْنِي: الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ الذِّكْرَ فَيَتَّبِعُونَهُ وَيَنْتَفِعُونَ بِهِ دُونَ مَنْ خَتَمَ اللَّهُ عَلَى سَمْعِهِ، {وَالْمَوْتَى} [الأنعام: ٣٦] يَعْنِي الْكُفَّارَ، {يَبْعَثُهُمُ اللَّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ} [الأنعام: ٣٦] فيخزيهم بِأَعْمَالِهِمْ.

[٣٧] ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَقَالُوا} [الأنعام: ٣٧] يعني: رؤساء قريش، {لَوْلَا} [الأنعام: ٣٧] هَلَّا {نُزِّلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ قُلْ إِنَّ اللَّهَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُنَزِّلَ آيَةً وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الأنعام: ٣٧] مَا عَلَيْهِمْ فِي إِنْزَالِهَا.

[٣٨] ، قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: ٣٨] قَيَّدَ الطَّيَرَانَ بِالْجَنَاحِ تَأْكِيدًا كَمَا يُقَالُ نَظَرْتُ بِعَيْنِي وَأَخَذْتُ بِيَدِي {إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ} [الأنعام: ٣٨] قَالَ مُجَاهِدٌ: أَصْنَافٌ مُصَنَّفَةٌ تُعْرَفُ بِأَسْمَائِهَا، يُرِيدُ أَنَّ كُلَّ جِنْسٍ مِنَ الْحَيَوَانِ أُمَّةٌ، فَالطَّيْرُ أُمَّةٌ، والهوام أمة، والذباب أُمَّةٌ، وَالسِّبَاعُ أُمَّةٌ، تُعْرَفُ بِأَسْمَائِهَا مِثْلُ بَنِي آدَمَ، يُعَرَفُونَ بِأَسْمَائِهِمْ, يقال: الإنس والناس، وَقِيلَ: أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ يَفْقَهُ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ، وَقِيلَ: أَمَّمَ أَمْثَالُكُمْ فِي الْخَلْقِ وَالْمَوْتِ وَالْبَعْثِ، وَقَالَ عَطَاءٌ: أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ فِي التَّوْحِيدِ وَالْمَعْرِفَةِ، قَالَ ابْنُ قُتَيْبَةَ: أممٌ أَمْثَالُكُمْ فِي الْغِذَاءِ وَابْتِغَاءِ الرِّزْقِ وَتَوَقِّي الْمَهَالِكِ، {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ} [الأنعام: ٣٨] أَيْ: فِي اللَّوْحِ الْمَحْفُوظِ، {مِنْ شَيْءٍ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: ٣٨] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ: حَشْرُهَا مَوْتُهَا، وَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: يَحْشُرُ اللَّهُ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ الْبَهَائِمَ وَالدَّوَابَّ وَالطَّيْرَ، وَكُلَّ شَيْءٍ فيقتص لِلْجَمَّاءِ مِنَ الْقَرْنَاءِ، ثُمَّ يَقُولُ: كُونِي تُرَابًا فَحِينَئِذٍ يَتَمَنَّى الْكَافِرُ وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي كُنْتُ تُرَابًا. عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «لَتُرَدَّنَّ الْحُقُوقُ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ الجماء من القرناء» (١) .

[٣٩] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا صُمٌّ وَبُكْمٌ} [الأنعام: ٣٩] لَا يَسْمَعُونَ الْخَيْرَ وَلَا يَتَكَلَّمُونَ به، {فِي الظُّلُمَاتِ} [الأنعام: ٣٩] فِي ضَلَالَاتِ الْكُفْرِ، {مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} [الأنعام: ٣٩] هو الْإِسْلَامُ.

[٤٠] ، قَوْلُهُ تَعَالَى. {قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ} [الأنعام: ٤٠] هَلْ رَأَيْتُمْ؟ وَالْكَافُ فِيهِ لِلتَّأْكِيدِ، وقال الفراء رحمه الله: الْعَرَبُ تَقُولُ أَرَأَيْتَكَ، وَهُمْ يُرِيدُونَ أَخْبِرْنَا، كَمَا يَقُولُ: أَرَأَيْتَكَ إِنْ فَعَلَتُ كَذَا مَاذَا تَفْعَلُ؟ أَيْ: أَخْبِرْنِي، وَقَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ (أَرَايْتَكُمْ، وَأَرَايْتُمْ، وَأَرَايْتَ) بِتَلْيِينِ الْهَمْزَةِ الثَّانِيَةِ، وَالْكِسَائِيُّ بِحَذْفِهَا، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قُلْ يَا مُحَمَّدٍ لِهَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ أرأيتكم،


(١) أخرجه مسلم في البر والصلة (٤ / ١٩٩٧ / رقم ٢٥٨٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>