للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصَّالِحُ. وَعَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ أَنَّهُ قَالَ: السَّمْتُ الْحَسَنُ. وَقَالَ عُرْوَةُ بْنُ الزُّبَيْرِ: لِبَاسُ التَّقْوَى خَشْيَةُ اللَّهِ وَقَالَ الْكَلْبِيُّ: هُوَ الْعَفَافُ. وَالْمَعْنَى: لِبَاسُ التَّقْوَى خَيْرٌ لِصَاحِبِهِ إِذَا أَخَذَ بِهِ مِمَّا خَلَقَ لَهُ مِنَ اللِّبَاسِ لِلتَّجَمُّلِ. وَقَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: لِبَاسُ التَّقْوَى هُوَ اللِّبَاسُ الْأَوَّلُ وَإِنَّمَا أَعَادَهُ إِخْبَارًا أَنَّ سَتْرَ الْعَوْرَةِ خَيْرٌ مِنَ التَّعَرِّي فِي الطَّوَافِ. وَقَالَ زَيْدُ بْنُ عَلِيٍّ: لِبَاسُ التَّقْوَى الْآلَاتُ الَّتِي يُتَّقَى بِهَا فِي الْحَرْبِ كَالدِّرْعِ وَالْمِغْفَرِ وَالسَّاعِدِ وَالسَّاقَيْنِ. وَقِيلَ: لِبَاسُ التَّقْوَى هُوَ الصُّوفُ وَالثِّيَابُ الْخَشِنَةُ الَّتِي يَلْبَسُهَا أَهْلُ الْوَرَعِ، {ذَلِكَ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} [الأعراف: ٢٦]

[٢٧] {يَا بَنِي آدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ} [الأعراف: ٢٧] لَا يُضِلَّنَّكُمُ الشَّيْطَانُ، {كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ} [الأعراف: ٢٧] أَيْ: كَمَا فَتَنَ أَبَوَيْكُمْ آدَمَ وَحَوَّاءَ فَأَخْرَجَهُمَا، {مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآتِهِمَا} [الأعراف: ٢٧] لِيَرَى كُلٌّ وَاحِدٍ سَوْأَةَ الْآخَرِ. {إِنَّهُ يَرَاكُمْ} [الأعراف: ٢٧] يَعْنِي أَنَّ الشَّيْطَانَ يَرَاكُمْ يَا بني آدم، {هُوَ وَقَبِيلُهُ} [الأعراف: ٢٧] وجنوده، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ. هُوَ وَوَلَدُهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ: قَبِيلُهُ الْجِنُّ وَالشَّيَاطِينُ، {مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف: ٢٧] قَالَ مَالِكُ بْنُ دِينَارٍ: إِنَّ عَدُوًّا يَرَاكَ وَلَا تَرَاهُ لَشَدِيدُ الْخُصُومَةِ وَالْمُؤْنَةِ إِلَّا مَنْ عَصَمَ اللَّهُ، {إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ} [الأعراف: ٢٧] قُرَنَاءَ وَأَعْوَانًا، {لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف: ٢٧] وقال الزجاج: سلطناهم عَلَيْهِمْ يَزِيدُونَ فِي غَيِّهِمْ كَمَا قَالَ. {أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا} [مَرْيَمَ: ٨٣]

[٢٨] {وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً} [الأعراف: ٢٨] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ: هِيَ طَوَافُهُمْ بِالْبَيْتِ عُرَاةً. وَقَالَ عَطَاءٌ: الشِّرْكُ وَالْفَاحِشَةُ: اسْمٌ لِكُلِّ فِعْلٍ قَبِيحٍ بَلَغَ النِّهَايَةَ فِي الْقُبْحِ. {قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا} [الأعراف: ٢٨] وَفِيهِ إِضْمَارٌ مَعْنَاهُ: وَإِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً فَنُهُوا عَنْهَا قَالُوا وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءَنَا. قِيلَ: وَمَنْ أَيْنَ أَخَذَ آبَاؤُكُمْ قَالُوا، {وَاللَّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ أَتَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ} [الأعراف: ٢٨]

[٢٩] {قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ} [الأعراف: ٢٩] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بِلَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: بِالتَّوْحِيدِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: بِالْعَدْلِ. {وَأَقِيمُوا وُجُوهَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ} [الأعراف: ٢٩] قَالَ مُجَاهِدٌ وَالسُّدِّيُّ: يَعْنِي وَجِّهُوا وجوهكم حيثما كُنْتُمْ فِي الصَّلَاةِ إِلَى الْكَعْبَةِ. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: إِذَا حَضَرَتِ الصَّلَاةُ وَأَنْتُمْ عِنْدَ مَسْجِدٍ فَصَلُّوا فِيهِ وَلَا يَقُولَنَّ أَحَدَكُمْ أُصَلِّي فِي مَسْجِدِي. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ اجْعَلُوا سُجُودَكُمْ لله خالصا. {وَادْعُوهُ} [الأعراف: ٢٩] واعبدوه، {مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} [الأعراف: ٢٩] الطَّاعَةَ وَالْعِبَادَةَ، {كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ} [الأعراف: ٢٩] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَدَأَ خَلْقَ بَنِي آدَمَ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا. كَمَا قَالَ: {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ فَمِنْكُمْ كَافِرٌ وَمِنْكُمْ مُؤْمِنٌ} [التَّغَابُنِ: ٢] ثُمَّ يُعِيدُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَمَا خَلَقَهُمْ مُؤْمِنًا وَكَافِرًا قَالَ مُجَاهِدٌ: يُبْعَثُونَ عَلَى مَا ماتوا عليه، وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ: كَمَا بَدَأَكُمْ فخلقكم

<<  <  ج: ص:  >  >>