للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الملل كلها، {فَالنَّارُ مَوْعِدُهُ} [هود: ١٧] قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «وَالَّذِي نَفْسُ مُحَمَّدٍ بِيَدِهِ لَا يَسْمَعُ بِي أَحَدٌ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَلَا يَهُودِيٌّ وَلَا نَصْرَانِيٌّ ثُمَّ يَمُوتُ وَلَمْ يُؤْمِنْ بِالَّذِي أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَّا كَانَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ» (١) .

قَوْلُهُ تَعَالَى: {فَلَا تَكُ فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ} [هود: ١٧] أَيْ. فِي شَكٍّ مِنْهُ، {إِنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ} [هود: ١٧]

[١٨] {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا} [هود: ١٨] فَزَعَمَ أَنَّ لَهُ وَلَدًا أَوْ شَرِيكًا، أَيْ: لَا أَحَدَ أَظْلَمُ منه، {أُولَئِكَ} [هود: ١٨] يَعْنِي: الْكَاذِبِينَ وَالْمُكَذِّبِينَ، {يُعْرَضُونَ عَلَى رَبِّهِمْ} [هود: ١٨] فَيَسْأَلُهُمْ عَنْ أَعْمَالِهِمْ، {وَيَقُولُ الْأَشْهَادُ} [هود: ١٨] يَعْنِي: الْمَلَائِكَةَ الَّذِينَ كَانُوا يَحْفَظُونَ أَعْمَالَهُمْ، قَالَهُ مُجَاهِدٌ، وَعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: إِنَّهُمُ الْأَنْبِيَاءُ وَالرُّسُلُ عَلَيْهِمُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَّاكِ، وَقَالَ قَتَادَةُ: الخلائق كلهم، {هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ} [هود: ١٨]

[١٩] {الَّذِينَ يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [هود: ١٩] يَمْنَعُونَ عَنْ دِينِ اللَّهِ، {وَيَبْغُونَهَا عِوَجًا وَهُمْ بِالْآخِرَةِ كَافِرُونَ} [الأعراف: ٤٥]

[قوله تعالى أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ وَمَا] كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ. . . .

[٢٠] {أُولَئِكَ لَمْ يَكُونُوا مُعْجِزِينَ} [هود: ٢٠] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: سَابِقِينَ، قَالَ قَتَادَةُ: هَارِبِينَ، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: فَائِتِينَ. {فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانَ لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ} [هود: ٢٠] يَعْنِي أَنْصَارًا وَأَعْوَانًا يَحْفَظُونَهُمْ مِنْ عذابنا، {يُضَاعَفُ لَهُمُ الْعَذَابُ} [هود: ٢٠] أَيْ: يُزَادُ فِي عَذَابِهِمْ، قِيلَ: يُضَاعَفُ الْعَذَابُ عَلَيْهِمْ لِإِضْلَالِهِمُ الْغَيْرَ، واقتداء الأتباع بهم، قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ وَابْنُ عَامِرٍ ويعقوب: (يضعف) مشددة العين بغير ألف، وقرأ الباقون: (يضاعف) بالألف مخففة العين. {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ} [هود: ٢٠] الهدى، قَالَ قَتَادَةُ، صُمٌّ عَنْ سَمَاعِ الْحَقِّ فَلَا يَسْمَعُونَهُ، وَمَا كَانُوا يُبْصِرُونَ الْهُدَى، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا: أَخْبَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ أَنَّهُ حَالَ بَيْنَ أَهْلِ الشِّرْكِ وَبَيْنَ طَاعَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، أَمَّا فِي الدُّنْيَا قَالَ: {مَا كَانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ} [هود: ٢٠] وَهُوَ طَاعَتُهُ، وَفِي الْآخِرَةِ قَالَ: {فَلَا يَسْتَطِيعُونَ - خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ} [القلم: ٤٢ - ٤٣]

[٢١] {أُولَئِكَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ} [هود: ٢١] غَبَنُوا أَنْفُسَهُمْ، {وَضَلَّ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ} [هود: ٢١] يَزْعُمُونَ مِنْ شَفَاعَةِ الْمَلَائِكَةِ وَالْأَصْنَامِ.

[٢٢] {لَا جَرَمَ} [هود: ٢٢] أَيْ: حَقًّا، وَقِيلَ: بَلَى، وَقَالَ الْفَرَّاءُ: لَا مَحَالَةَ، {أَنَّهُمْ فِي الْآخِرَةِ هُمُ الْأَخْسَرُونَ} [هود: ٢٢] يَعْنِي: مِنْ غَيْرِهِمْ، وَإِنْ كَانَ الْكُلُّ فِي الْخَسَارِ.

[٢٣] {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَخْبَتُوا} [هود: ٢٣] قال ابن عباس: خافوا. وقال قَتَادَةُ: أَنَابُوا. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: اطْمَأَنُّوا. وقيل: خشعوا. وقوله: {رَبِّهِمْ} [هود: ٢٣] أَيْ: لِرَبِّهِمْ. {أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} [هود: ٢٣]


(١) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان رقم (١٥٣) ١ / ١٣٤ والمصنف في شرح السنة ١ / ١٠٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>