للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالزُّهْرِيُّ: هُوَ وَجْهُ الْأَرْضِ، وَذَلِكَ أَنَّهُ قِيلَ لِنُوحٍ: إِذَا رَأَيْتَ الْمَاءَ فَارَ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فَارْكَبِ السَّفِينَةَ، وَرُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- أَنَّهُ قَالَ: فَارَ التَّنُّورُ أَيْ: طَلَعَ الْفَجْرُ وَنُورُ الصُّبْحِ، وَقَالَ الْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ وَالشَّعْبِيُّ: إِنَّهُ التَّنُّورُ الَّذِي يُخْبَزُ فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ، وَالْفَوَرَانُ: الْغَلَيَانُ. قَوْلُهُ تَعَالَى: {قُلْنَا احْمِلْ فِيهَا} [هود: ٤٠] أَيْ: فِي السَّفِينَةِ، {مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ} [هود: ٤٠] الزَّوْجَانِ: كُلُّ اثْنَيْنِ لَا يَسْتَغْنِي أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ، يُقَالُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا زَوْجٌ، يُقَالُ: زَوْجُ خُفٍّ وَزَوْجُ نَعْلٍ، وَالْمُرَادُ بِالزَّوْجَيْنِ هنا: الذكر والأنثى، قرأ حفص ههنا وَفِي سُورَةِ الْمُؤْمِنِينَ: مِنْ كُلٍّ بِالتَّنْوِينِ أَيْ: مِنْ كُلِّ صِنْفٍ زوجين اثنين، ذكره تأكيدًا. {وَأَهْلَكَ} [هود: ٤٠] أَيْ: وَاحْمِلْ أَهْلَكَ، أَيْ: وَلَدَكَ وَعِيَالَكَ، {إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ} [هود: ٤٠] بِالْهَلَاكِ يَعْنِي امْرَأَتَهُ وَاعِلَةَ، وَابْنَهُ كنعان، {وَمَنْ آمَنَ} [هود: ٤٠] يَعْنِي: وَاحْمِلْ مَنْ آمَنَ بِكَ، كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَمَا آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ} [هود: ٤٠] وَاخْتَلَفُوا فِي عَدَدِهِمْ، قَالَ قَتَادَةُ وَابْنُ جُرَيْجٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ الْقُرَظِيُّ: لَمْ يَكُنْ فِي السَّفِينَةِ إلا ثمانية، نُوحٌ وَامْرَأَتُهُ وَثَلَاثَةُ بَنِينَ لَهُ سَامٌ وَحَامٌ ويافثُ، وَنِسَاؤُهُمْ: وَقَالَ الْأَعْمَشُ: كَانُوا سَبْعَةً: نُوحٌ وَثَلَاثَةُ بَنِينَ لَهُ وَثَلَاثُ كَنَائِنَ لَهُ، وَقَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: كَانُوا عَشَرَةً سِوَى نِسَائِهِمْ، نُوحٌ وَبَنُوهُ سَامٌ وَحَامٌ ويافثُ وَسِتَّةُ أُنَاسٍ مِمَّنْ كَانَ آمَنَ بِهِ وَأَزْوَاجُهُمْ جَمِيعًا، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: كَانُوا اثْنَيْنِ وَسَبْعِينَ نَفَرًا رَجُلًا وَامْرَأَةً وَبَنِيهِ الثَّلَاثَةَ وَنِسَاءَهُمْ، فَجَمِيعُهُمْ ثَمَانِيَةٌ وَسَبْعُونَ نِصْفُهُمْ رجال ونصفهم نساء.

[٤١] {وَقَالَ ارْكَبُوا فِيهَا} [هود: ٤١] أي: قال لَهُمْ نُوحٌ ارْكَبُوا فِيهَا، أَيْ فِي السَّفِينَةِ، {بِسْمِ اللَّهِ مَجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا} [هود: ٤١] قرأ حمزة والكسائي وحفص: (مجراها) بفتح الميم (وَمُرْسَاهَا) بِضَمِّهَا، وَقَرَأَ مُحَمَّدُ بْنُ محيصن (مجراها وَمَرْسَاهَا) بِفَتْحِ الْمِيمَيْنِ مِنْ جَرَتْ وَرَسَتْ، أَيْ: بِسْمِ اللَّهِ جَرْيُهَا وَرُسُوُّهَا، وَهُمَا مَصْدَرَانِ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: (مُجْرَاهَا وَمُرْسَاهَا) بِضَمِّ الْمِيمَيْنِ مِنْ أُجْرِيَتْ وَأُرْسِيَتْ، أَيْ: بِسْمِ اللَّهِ إِجْرَاؤُهَا وَإِرْسَاؤُهَا وَهُمَا أَيْضًا مَصْدَرَانِ، كَقَوْلِهِ: {أَنْزِلْنِي مُنْزَلًا مُبَارَكًا} [الْمُؤْمِنُونَ: ٢٩] {أَدْخِلْنِي مُدْخَلَ صِدْقٍ وَأَخْرِجْنِي مُخْرَجَ صِدْقٍ} [الْإِسْرَاءِ: ٨٠] وَالْمُرَادُ مِنْهَا الْإِنْزَالُ وَالْإِدْخَالُ وَالْإِخْرَاجُ. {إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [هود: ٤١]

[٤٢] {وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ} [هود: ٤٢] وَالْمَوْجُ مَا ارْتَفَعَ مِنَ الْمَاءِ إِذَا اشْتَدَّتْ عَلَيْهِ الرِّيحُ، شَبَّهَهُ بِالْجِبَالِ فِي عِظَمِهِ وَارْتِفَاعِهِ عَلَى الماء. {وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ} [هود: ٤٢] كَنْعَانَ، وَقَالَ عُبَيْدُ بْنُ عُمَيْرٍ: سَامٌ وَكَانَ كَافِرًا، {وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ} [هود: ٤٢] عنه لم يركب السَّفِينَةِ، {يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا} [هود: ٤٢] قرأ نافع وابن عامر وحمزة والبزي عن ابْنُ كَثِيرٍ، وَأَبُو بَكْرٍ عَنْ عاصم ويعقوب: (اركب) بِإِظْهَارِ الْبَاءِ،

<<  <  ج: ص:  >  >>