للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَتَبَرَّأْتُ مِنْ ذَلِكَ، {إِنَّ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم: ٢٢] الكافرين، {لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم: ٢٢]

[٢٣] قوله تعالى: {وَأُدْخِلَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ تَحِيَّتُهُمْ فِيهَا سَلَامٌ} [إبراهيم: ٢٣] يُسَلِّمُ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَتُسَلِّمُ الْمَلَائِكَةُ عَلَيْهِمْ. وَقِيلَ: الْمُحَيِّي بِالسَّلَامِ هو الله عز وجل.

[٢٤] وقوله تعالى: {أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا} [إبراهيم: ٢٤] أَلَمْ تَعْلَمْ، وَالْمَثَلُ قَوْلٌ سَائِرٌ لِتَشْبِيهِ شَيْءٍ بِشَيْءٍ {كَلِمَةً طَيِّبَةً} [إبراهيم: ٢٤] وَهِيَ قَوْلُ: لَا إِلَهَ إِلَّا الله، {كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ} [إبراهيم: ٢٤] وَهِيَ النَّخْلَةُ يُرِيدُ كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةِ الثمرة، وقال أَبُو ظَبْيَانَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: هِيَ شَجَرَةٌ فِي الْجَنَّةِ {أَصْلُهَا ثَابِتٌ} [إبراهيم: ٢٤] في الأرض {وَفَرْعُهَا} [إبراهيم: ٢٤] أعلاها، {فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: ٢٤] كَذَلِكَ أَصْلُ هَذِهِ الْكَلِمَةِ رَاسِخٌ فِي قَلْبِ الْمُؤْمِنِ بِالْمَعْرِفَةِ وَالتَّصْدِيقِ فَإِذَا تَكَلَّمَ بِهَا عَرَجَتْ فَلَا تُحْجَبُ حَتَّى تَنْتَهِيَ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ. قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ} [فاطر: ١٠]

[قوله تعالى تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا وَيَضْرِبُ] اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. . . . .

[٢٥] {تُؤْتِي أُكُلَهَا} [إبراهيم: ٢٥] تغطي ثَمَرَهَا، {كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} [إبراهيم: ٢٥] وَالْحِينُ فِي اللُّغَةِ هُوَ الْوَقْتُ، كَذَلِكَ عَمَلُ الْمُؤْمِنِ يَصْعَدُ أَوَّلَ النَّهَارِ وَآخِرَهُ وَبَرَكَةُ إِيمَانِهِ لَا تَنْقَطِعُ أَبَدًا، بَلْ تَصِلُ إِلَيْهِ فِي كُلِّ وَقْتٍ، وَالْحِكْمَةُ فِي تَمْثِيلِ الْإِيمَانِ بِالشَّجَرَةِ هِيَ أَنَّ الشَّجَرَةَ لَا تَكُونُ شَجَرَةً إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ: عِرْقٌ رَاسِخٌ، وَأَصْلٌ قَائِمٌ، وَفَرْعٌ عَالٍ كَذَلِكَ الْإِيمَانُ لَا يَتِمُّ إِلَّا بِثَلَاثَةِ أَشْيَاءَ تَصْدِيقٌ بِالْقَلْبِ، وَقَوْلٌ بِاللِّسَانِ، وَعَمَلٌ بالأبدان. {وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ} [إبراهيم: ٢٥]

[٢٦] {وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ} [إبراهيم: ٢٦] وهي الشرك، {كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ} [إبراهيم: ٢٦] وَهِيَ الْحَنْظَلُ. وَقِيلَ: هِيَ الثُّومُ. وقيل: الكشوت (١) .

{اجْتُثَّتْ} [إبراهيم: ٢٦] يَعْنِي انْقَلَعَتْ، {مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ مَا لَهَا مِنْ قَرَارٍ} [إبراهيم: ٢٦] ثَبَاتٍ، مَعْنَاهُ وَلَيْسَ لَهَا أَصْلٌ ثَابِتٌ فِي الْأَرْضِ، وَلَا فَرْعٌ صَاعِدٌ إِلَى السَّمَاءِ، كَذَلِكَ الْكَافِرُ لَا خَيْرَ فِيهِ وَلَا يَصْعَدُ لَهُ قَوْلٌ طَيِّبٌ وَلَا عَمَلٌ صالح.

[٢٧] قَوْلُهُ تَعَالَى: {يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ} [إبراهيم: ٢٧] كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ وَهِيَ قَوْلُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ {فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [إبراهيم: ٢٧] يَعْنِي قَبْلَ الْمَوْتِ، {وَفِي الْآخِرَةِ} [إبراهيم: ٢٧] يَعْنِي فِي الْقَبْرِ هَذَا قَوْلُ أكثر المفسرين وَقِيلَ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا عِنْدَ السُّؤَالِ فِي الْقَبْرِ, وَفِي الْآخِرَةِ: عند البعث، والأول أصح {وَيُضِلُّ اللَّهُ الظَّالِمِينَ} [إبراهيم: ٢٧] أَيْ: لَا يَهْدِي الْمُشْرِكِينَ إِلَى الْجَوَابِ بِالصَّوَابِ فِي الْقَبْرِ {وَيَفْعَلُ اللَّهُ مَا يَشَاءُ} [إبراهيم: ٢٧] مِنَ التَّوْفِيقِ وَالْخُذْلَانِ وَالتَّثْبِيتِ وَتَرْكِ التثبت.


(١) في لسان العرب ٢ / ١٨١ "الكشوث والأكشوث" نبات مجتث مقطوع الأصل، وقيل لا أصل له، وهو أصفر يتعلق بأطراف الشوك وغيره وقال الجوهري: نبت يتعلق بأغصان الشجر من غير أن يضرب بعرق في الأرض.

<<  <  ج: ص:  >  >>