للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٢٨] {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ} [النحل: ٢٨] يَقْبِضُ أَرْوَاحَهُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ وَأَعْوَانُهُ، قَرَأَ حَمْزَةُ (يَتَوَفَّاهُمْ) بِالْيَاءِ وَكَذَا ما بعده، {ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ} [النحل: ٢٨] بِالْكُفْرِ وَنُصِبَ عَلَى الْحَالِ أَيْ: فِي حَالِ كُفْرِهِمْ، {فَأَلْقَوُا السَّلَمَ} [النحل: ٢٨] أَيِ: اسْتَسْلَمُوا وَانْقَادُوا وَقَالُوا، {مَا كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ} [النحل: ٢٨] شِرْكٍ فَقَالَ لَهُمُ الْمَلَائِكَةُ، {بَلَى إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: ٢٨] قَالَ عِكْرِمَةُ: عَنَى بِذَلِكَ مَنْ قُتِلَ مِنَ الْكُفَّارِ بِبَدْرٍ.

[٢٩] {فَادْخُلُوا} [النحل: ٢٩] أَيْ: قَالَ لَهُمُ ادْخُلُوا {أَبْوَابَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ} [النحل: ٢٩] عَنِ الْإِيمَانِ، (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا) وَذَلِكَ أَنَّ أَحْيَاءَ الْعَرَبِ كَانُوا يَبْعَثُونَ أَيَّامَ الْمَوْسِمِ مَنْ يَأْتِيهِمْ بِخَبَرِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم - فإذا جاء يسأل الَّذِينَ قَعَدُوا عَلَى الطُّرُقِ عَنْهُ فَيَقُولُونَ: سَاحِرٌ كَاهِنٌ شَاعِرٌ كَذَّابٌ مَجْنُونٌ، وَلَوْ لَمْ تَلْقَهُ خَيْرٌ، فيقول السائل: إنا شر وفد إِنْ رَجَعْتُ إِلَى قَوْمِي دُونَ أَنْ أَدْخُلَ مَكَّةَ فَأَلْقَاهُ فَيَدْخُلُ مَكَّةَ فَيَرَى أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَيُخْبِرُونَهُ بِصِدْقِهِ وَأَنَّهُ نَبِيٌّ، مَبْعُوثٌ.

[٣٠] فَذَلِكَ قَوْلُهُ: {وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا} [النحل: ٣٠] يَعْنِي: أَنْزَلَ خَيْرًا، ثُمَّ ابْتَدَأَ فَقَالَ: {لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هَذِهِ الدُّنْيَا حَسَنَةٌ} [النحل: ٣٠] كَرَامَةً مِنَ اللَّهِ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هِيَ تَضْعِيفُ الْأَجْرِ إِلَى الْعَشْرِ. وَقَالَ الضَّحَاكُ: هِيَ النَّصْرُ وَالْفَتْحُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: هِيَ الرِّزْقُ الحسن {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ} [النحل: ٣٠] أَيْ وَلَدَارُ الْحَالِ الْآخِرَةِ، {خَيْرٌ وَلَنِعْمَ دَارُ الْمُتَّقِينَ} [النحل: ٣٠] قَالَ الْحَسَنُ: هِيَ الدُّنْيَا لِأَنَّ أَهْلَ التَّقْوَى يَتَزَوَّدُونَ فِيهَا لِلْآخِرَةِ. وَقَالَ أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ: هِيَ الْجَنَّةُ، ثُمَّ فَسَّرَهَا.

[٣١] فَقَالَ: {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ لَهُمْ فِيهَا مَا يَشَاءُونَ كَذَلِكَ يَجْزِي اللَّهُ الْمُتَّقِينَ} [النحل: ٣١]

[٣٢] {الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ طَيِّبِينَ} [النحل: ٣٢] مُؤْمِنِينَ طَاهِرِينَ مِنَ الشِّرْكِ. قَالَ مُجَاهِدٌ: زَاكِيَةً أَفْعَالُهُمْ وَأَقْوَالُهُمْ. وَقِيلَ: مَعْنَاهُ إِنَّ وَفَاتَهُمْ تَقَعُ طَيِّبَةً سهلة. {يَقُولُونَ} [النحل: ٣٢] يَعْنِي: الْمَلَائِكَةُ لَهُمْ, {سَلَامٌ عَلَيْكُمُ} [النحل: ٣٢] وقيل: معناه يُبَلِّغُونَهُمْ سَلَامَ اللَّهِ, {ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [النحل: ٣٢]

[٣٣] قوله: {هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ} [النحل: ٣٣] لِقَبْضِ أَرْوَاحِهِمْ, {أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ} [النحل: ٣٣] يَعْنِي: يَوْمَ الْقِيَامَةِ, وَقِيلَ: الْعَذَابُ. {كَذَلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [النحل: ٣٣] أي: كفروا كما كفر الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ, {وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ} [النحل: ٣٣] بِتَعْذِيبِهِ إِيَّاهُمْ, {وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [النحل: ٣٣]

[٣٤] {فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا عَمِلُوا} [النحل: ٣٤] عُقُوبَاتُ كُفْرِهِمْ وَأَعْمَالِهِمِ الْخَبِيثَةِ, {وَحَاقَ بِهِمْ} [النحل: ٣٤] نَزَلَ بِهِمْ, {مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ} [النحل: ٣٤]

[قوله تعالى وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا] مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا. . . .

[٣٥] {وَقَالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا عَبَدْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ} [النحل: ٣٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>