للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٦٣] {تَاللَّهِ لَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ} [النحل: ٦٣] كَمَا أَرْسَلْنَا إِلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ، {فَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ أَعْمَالَهُمْ} [النحل: ٦٣] الخبيثة، {فَهُوَ وَلِيُّهُمُ} [النحل: ٦٣] ناصرهم، {الْيَوْمَ} [النحل: ٦٣] وَقَرِينُهُمْ سَمَّاهُ وَلِيًّا لَهُمْ لِطَاعَتِهِمْ إياه، {وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [النحل: ٦٣] فِي الْآخِرَةِ.

[٦٤] {وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ} [النحل: ٦٤] مِنَ الدِّينِ وَالْأَحْكَامِ، {وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [النحل: ٦٤] أَيْ: مَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا بَيَانًا وَهُدًى وَرَحْمَةً فَالْهُدَى وَالرَّحْمَةُ عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ (لِتُبَيِّنَ) .

[قوله تعالى وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ] الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا. . . .

[٦٥] {وَاللَّهُ أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً} [النحل: ٦٥] يَعْنِي الْمَطَرَ، {فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ} [النحل: ٦٥] بالنبات, {بَعْدَ مَوْتِهَا} [النحل: ٦٥] يُبُوسَتِهَا، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ} [النحل: ٦٥] سَمْعَ الْقُلُوبِ لَا سَمْعَ الْآذَانِ.

[٦٦] {وَإِنَّ لَكُمْ فِي الْأَنْعَامِ لَعِبْرَةً} [النحل: ٦٦] لعظة، {نُسْقِيكُمْ مِمَّا فِي بُطُونِهِ} [النحل: ٦٦] قَالَ الْفَرَّاءُ: رَدَّ الْكِنَايَةَ إِلَى النَّعَمِ، وَالنَّعَمُ وَالْأَنْعَامُ وَاحِدٌ، وَلَفْظُ النَّعَمِ مُذَكَّرٌ قَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ وَالْأَخْفَشُ: النَّعَمُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَمَنْ أنث فالمعنى الْجَمْعِ وَمَنْ ذَكَّرَ فَلِحُكْمِ اللَّفْظِ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: رَدَّهُ إِلَى مَا يَعْنِي فِي بُطُونِ مَا ذَكَرْنَا، وَقَالَ الْمُؤَرِّجُ: الْكِنَايَةُ مَرْدُودَةٌ إِلَى الْبَعْضِ وَالْجُزْءِ كَأَنَّهُ قَالَ نُسْقِيكُمْ مما في بطونه اللبن إذا لَيْسَ لِكُلِّهَا لَبَنٌ وَاللَّبَنُ فِيهِ مضمر، {مِنْ بَيْنِ فَرْثٍ} [النحل: ٦٦] وَهُوَ مَا فِي الْكَرِشِ مِنَ الثِّقْلِ فَإِذَا خَرَجَ مِنْهُ لَا يُسَمَّى فَرْثًا، {وَدَمٍ لَبَنًا خَالِصًا} [النحل: ٦٦] مِنَ الدَّمِ وَالْفَرْثِ لَيْسَ عَلَيْهِ لَوْنُ دَمٍ وَلَا رَائِحَةُ فَرْثٍ، {سَائِغًا لِلشَّارِبِينَ} [النحل: ٦٦] هَنِيئًا يَجْرِي عَلَى السُّهُولَةِ فِي الحلق.

[٦٧] {وَمِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ وَالْأَعْنَابِ} [النحل: ٦٧] يَعْنِي: وَلَكُمْ أَيْضًا عِبْرَةٌ فِيمَا نُسْقِيكُمْ وَنَرْزُقُكُمْ مِنْ ثَمَرَاتِ النَّخِيلِ والأعناب، {تَتَّخِذُونَ مِنْهُ} [النحل: ٦٧] وَالْكِنَايَةُ فِي (مِنْهُ) عَائِدَةٌ إِلَى (مَا) مَحْذُوفَةٌ أَيْ: مَا تَتَّخِذُونَ مِنْهُ، {سَكَرًا وَرِزْقًا حَسَنًا} [النَّحْلِ: ٦٧] قال قوم: السكر: الخمر، والرزق الْحَسَنُ الْخَلُّ وَالزَّبِيبُ وَالتَّمْرُ والرُّبّ, قَالُوا: وَهَذَا قَبْلَ تَحْرِيمِ الْخَمْرِ, وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عُمَرَ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَالْحَسَنُ وَمُجَاهِدٌ، وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: السَّكَرُ ما شربت, والرزق الْحَسَنُ: مَا أَكَلْتَ. وَرَوَى الْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ السَّكَرَ هُوَ الْخَلُّ بِلُغَةِ الْحَبَشَةِ، وَقَالَ بَعْضُهُمُ: السَّكَرُ النَّبِيذُ الْمُسْكِرُ، وَهُوَ نَقِيعُ التَّمْرِ وَالزَّبِيبِ إِذَا اشْتَدَّ وَالْمَطْبُوخُ مِنَ الْعَصِيرِ، وَهُوَ قَوْلُ الضَّحَاكِ وَالنَّخَعِيِّ، وَمَنْ يُبِيحُ شُرْبَ النبيذ ومن حرم يَقُولُ: الْمُرَادُ مِنَ الْآيَةِ الْإِخْبَارُ لَا الْإِحْلَالُ وَأَوْلَى الْأَقَاوِيلِ أَنَّ قَوْلَهُ: (تَتَّخِذُونَ مِنْهُ سَكَرًا) مَنْسُوخٌ، رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: السَّكَرُ مَا حَرَّمَ مِنْ ثَمَرِهَا والرزق الْحَسَنُ مَا أَحَلَّ. وَقَالَ أَبُو عُبَيْدَةَ: السَّكَرُ الطُّعْمُ يُقَالُ: هَذَا سَكَرٌ لَكَ أَيْ: طُعْمٌ، {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [النحل: ٦٧]

[٦٨] {وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ} [النَّحْلِ: ٦٨] أَيْ: أَلْهَمَهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>