للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دَوَامَ الْبَقَاءِ فِي الدُّنْيَا، {أَفَإِنْ مِتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} [الْأَنْبِيَاءُ: ٣٤] أَيْ أفهم الخالدون إن مت، قيل: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ حِينَ قَالُوا: نَتَرَبَّصُ بِمُحَمَّدٍ رَيْبَ الْمَنُونِ.

[٣٥] {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَنَبْلُوكُمْ} [الأنبياء: ٣٥] نختبركم {بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ} [الأنبياء: ٣٥] بِالشِّدَّةِ وَالرَّخَاءِ وَالصِّحَّةِ وَالسَّقَمِ وَالْغِنَى وَالْفَقْرِ، وَقِيلَ: بِمَا تُحِبُّونَ وَمَا تكرهون، {فِتْنَةً} [الأنبياء: ٣٥] ابتلاء لننظر كيف شكرتم فِيمَا تُحِبُّونَ، وَصَبْرُكُمْ فِيمَا تَكْرَهُونَ، {وَإِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: ٣٥]

[٣٦] {وَإِذَا رَآكَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَتَّخِذُونَكَ} [الأنبياء: ٣٦] ما يتخذونك، {إِلَّا هُزُوًا} [الأنبياء: ٣٦] سُخْرِيًّا، قَالَ السُّدِّيُّ: نَزَلَتْ فِي أَبِي جَهْلٍ مَرَّ بِهِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَضَحِكَ، وَقَالَ: هَذَا نَبِيُّ بَنِي عَبْدِ مناف، {أَهَذَا الَّذِي} [الأنبياء: ٣٦] أَيْ يَقُولُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: أَهَذَا الذي، {يَذْكُرُ آلِهَتَكُمْ} [الأنبياء: ٣٦] أَيْ يَعِيبُهَا، يُقَالُ: فُلَانٌ يَذْكُرُ فُلَانًا أَيْ يَعِيبُهُ، وَفُلَانٌ يَذْكُرُ الله أي يعظمه ويبجله، {وَهُمْ بِذِكْرِ الرَّحْمَنِ هُمْ كَافِرُونَ} [الأنبياء: ٣٦] وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لَا نعرف الرحمن إلا مسيلمة، و {هُمْ} [الأنبياء: ٣٦] الثانية صلة.

[قوله تعالى خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا] تَسْتَعْجِلُونِ

[٣٧] {خُلِقَ الْإِنْسَانُ مِنْ عَجَلٍ} [الأنبياء: ٣٧] اخْتَلَفُوا فِيهِ، فَقَالَ قَوْمٌ. مَعْنَاهُ أَنْ بِنْيَتَهُ وَخِلْقَتَهُ مِنَ الْعَجَلَةِ وعليها طبع، كما قال الله تعالى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: ١١] وَالْمُرَادُ بِالْإِنْسَانِ آدَمُ، وَأُورِثَ أَوْلَادُهُ الْعَجَلَةَ، وَالْعَرَبُ تَقُولُ لِلَّذِي يُكْثُرُ مِنْهُ الشَّيْءُ: خُلِقْتَ مِنْهُ، كَمَا يقول: خلقت من تعب وخلقت من غضب، تريد الْمُبَالَغَةُ فِي وَصْفِهِ بِذَلِكَ، يَدُلُّ عَلَى هَذَا قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَانَ الْإِنْسَانُ عَجُولًا} [الإسراء: ١١] وَقَالَ قَوْمُّ: مَعْنَاهُ خُلِقَ الْإِنْسَانُ يَعْنِي آدَمَ مِنْ تَعْجِيلٍ فِي خَلْقِ اللَّهِ إِيَّاهُ، لِأَنَّ خَلْقَهُ كَانَ بَعْدَ خَلْقِ كُلِّ شَيْءٍ فِي آخِرِ النَّهَارِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، فَأَسْرَعَ فِي خَلْقِهِ قَبْلَ مَغِيبِ الشمس {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونِ} [الْأَنْبِيَاءِ: ٣٧] هذا خطاب للمشركين، نَزَلَ هَذَا فِي الْمُشْرِكِينَ كَانُوا يستعجلون بالعذاب وَيَقُولُونَ أَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ: وَقِيلَ: نَزَلَتْ فِي النَّضِرِ بْنِ الْحَارِثِ، فَقَالَ تَعَالَى: {سَأُرِيكُمْ آيَاتِي} [الأنبياء: ٣٧] أَيْ مَوَاعِيدِي فَلَا تَسْتَعْجِلُونَ، أَيْ فلا تطلبوا العذاب من وَقْتِهِ، فَأَرَاهُمْ يَوْمَ بَدْرٍ، وَقِيلَ: كَانُوا يَسْتَعْجِلُونَ الْقِيَامَةَ.

[٣٨، ٣٩] {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [الأنبياء: ٣٨] فَقَالَ تَعَالَى: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ كَفَرُوا حِينَ لَا يَكُفُّونَ} [الأنبياء: ٣٩] لَا يَدْفَعُونَ {عَنْ وُجُوهِهِمُ النَّارَ وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمْ} [الأنبياء: ٣٩] قِيلَ: وَلَا عَنْ ظُهُورِهِمُ السِّيَاطَ، {وَلَا هُمْ يُنْصَرُونَ} [الأنبياء: ٣٩] يُمْنَعُونَ مِنَ الْعَذَابِ، وَجَوَابُ لَوْ فِي قَوْلِهِ: {لَوْ يَعْلَمُ الَّذِينَ} [الأنبياء: ٣٩] مَحْذُوفٌ مَعْنَاهُ: وَلَوْ عَلِمُوا لَمَا أَقَامُوا عَلَى كُفْرِهِمْ، وَلَمَا اسْتَعْجَلُوا، وَلَا قَالُوا مَتَى هَذَا الْوَعْدُ.

[٤٠] {بَلْ تَأْتِيهِمْ} [الأنبياء: ٤٠] يعني الساعة {بَغْتَةً} [الأنبياء: ٤٠] فجأة، {فَتَبْهَتُهُمْ} [الأنبياء: ٤٠] أَيْ تُحَيِّرُهُمْ، يُقَالُ: فُلَانٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>