للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{ثُمَّ يَفْتَحُ} [سبأ: ٢٦] يَقْضِي، {بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَهُوَ الْفَتَّاحُ الْعَلِيمُ} [سبأ: ٢٦]

[٢٧] {قُلْ أَرُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمْ بِهِ شُرَكَاءَ} [سبأ: ٢٧] أَيْ أَعْلِمُونِيَ الَّذِينَ أَلْحَقْتُمُوهُمْ بِهِ أَيْ بِاللَّهِ شُرَكَاءَ فِي الْعِبَادَةِ مَعَهُ هَلْ يَخْلُقُونَ وَهَلْ يَرْزُقُونَ، {كَلَّا} [سبأ: ٢٧] لَا يَخْلُقُونَ وَلَا يَرْزُقُونَ، {بَلْ هُوَ اللَّهُ الْعَزِيزُ} [سبأ: ٢٧] الغالب على أمره، {الْحَكِيمُ} [سبأ: ٢٧] فِي تَدْبِيرِهِ لِخَلْقِهِ فَأَنَّى يَكُونُ لَهُ شَرِيكٌ فِي مُلْكِهِ.

[٢٨] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ} [سبأ: ٢٨] يعني للناس أحمرهم وأسودهم، {بَشِيرًا وَنَذِيرًا} [سبأ: ٢٨] أَيْ مُبَشِّرًا وَمُنْذِرًا، {وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [سبأ: ٢٨] وَرُوِّينَا عَنْ جَابِرٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ يُبْعَثُ إِلَى قَوْمِهِ خَاصَّةً وَبُعِثْتُ إِلَى النَّاسِ عَامَّةً» (١) وَقِيلَ: كَافَّةً أَيْ كَافًّا يَكُفُّهُمْ عَمَّا هُمْ عَلَيْهِ مِنَ الْكُفْرِ، وَالْهَاءُ لِلْمُبَالَغَةِ.

[٢٩] {وَيَقُولُونَ مَتَى هَذَا الْوَعْدُ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [سبأ: ٢٩] يَعْنِي الْقِيَامَةَ.

[٣٠] {قُلْ لَكُمْ مِيعَادُ يَوْمٍ لَا تَسْتَأْخِرُونَ عَنْهُ سَاعَةً وَلَا تَسْتَقْدِمُونَ} [سبأ: ٣٠] أَيْ لَا تَتَقَدَّمُونَ عَلَيْهِ يَعْنِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَقَالَ الضَّحَّاكُ: يَوْمُ الْمَوْتِ لَا تَتَأَخَّرُونَ عَنْهُ وَلَا تَتَقَدَّمُونَ بِأَنْ يُزَادَ فِي أَجَلِكُمْ أَوْ يُنْقَصَ مِنْهُ.

[٣١] {وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ نُؤْمِنَ بِهَذَا الْقُرْآنِ وَلَا بِالَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} [سبأ: ٣١] يَعْنِي التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ، {وَلَوْ تَرَى} [سبأ: ٣١] يَا مُحَمَّدُ، {إِذِ الظَّالِمُونَ مَوْقُوفُونَ} [سبأ: ٣١] مَحْبُوسُونَ، {عِنْدَ رَبِّهِمْ يَرْجِعُ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ} [سبأ: ٣١] يَرُدُّ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ الْقَوْلَ فِي الْجِدَالِ، {يَقُولُ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا} [سبأ: ٣١] اسْتُحْقِرُوا وَهُمُ الْأَتْبَاعُ، {لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} [سبأ: ٣١] وَهْمُ الْقَادَةُ وَالْأَشْرَافُ، {لَوْلَا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ} [سبأ: ٣١] أَيْ أَنْتُمْ مَنَعْتُمُونَا عَنِ الْإِيمَانِ بالله ورسوله.

[قوله تعالى قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا] أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ. . .

[٣٢] {قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا} [سبأ: ٣٢] أَجَابَهُمُ الْمَتْبُوعُونَ فِي الْكُفْرِ، {لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا أَنَحْنُ صَدَدْنَاكُمْ عَنِ الْهُدَى بَعْدَ إِذْ جَاءَكُمْ بَلْ كُنْتُمْ مُجْرِمِينَ} [سبأ: ٣٢] بِتَرْكِ الْإِيمَانِ.

[٣٣] {وَقَالَ الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [سبأ: ٣٣] أَيْ مَكْرُكُمْ بِنَا فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ، وَالْعَرَبُ تُضِيفُ الْفِعْلَ إِلَى الليل والنهار على توسع في الكلام. وقيل: مكر الليل والنهار وهو طُولُ السَّلَامَةِ وَطُولُ الْأَمَلِ فِيهِمَا، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَطَالَ عَلَيْهِمُ الْأَمَدُ فَقَسَتْ قُلُوبُهُمْ} [الْحَدِيدِ: ١٦] {إِذْ تَأْمُرُونَنَا أَنْ نَكْفُرَ بِاللَّهِ وَنَجْعَلَ لَهُ أَنْدَادًا وَأَسَرُّوا} [سبأ: ٣٣] وأظهروا {النَّدَامَةَ} [سبأ: ٣٣] وَقِيلَ: أَخْفَوْا، وَهُوَ مِنَ الْأَضْدَادِ، {لَمَّا رَأَوُا الْعَذَابَ وَجَعَلْنَا الْأَغْلَالَ فِي أَعْنَاقِ الَّذِينَ كَفَرُوا} [سبأ: ٣٣] في النار والأتباع وَالْمَتْبُوعِينَ جَمِيعًا. {هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [سبأ: ٣٣] مِنَ الْكُفْرِ وَالْمَعَاصِي فِي الدُّنْيَا.


(١) أخرجه البخاري في التيمم ١ / ٤٣٥ ومسلم في المساجد رقم (٥٢١) ١ / ٣٧٠ والمصنف في شرح السنة ١٣ / ١٩٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>