للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{إِنَّا خَلَقْنَاهُمْ مِنْ طِينٍ لَازِبٍ} [الصافات: ١١] يَعْنِي جِيدٌ حُرٌّ لَاصِقٌ يَعْلَقُ باليد، ومعناه اللازم إبدال الْمِيمُ بَاءً كَأَنَّهُ يَلْزَمُ الْيَدَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَالضَّحَّاكُ: مُنْتِنٌ.

[١٢] {بَلْ عَجِبْتَ} [الصافات: ١٢] قرأ حمزة والكسائي بضم الباء، وَهِيَ قِرَاءَةُ ابْنِ مَسْعُودٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ، وَالْعَجَبُ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لَيْسَ كَالتَّعَجُّبِ مِنَ الْآدَمِيِّينَ كَمَا قَالَ: {فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ} [التوبة: ٧٩] أن قال عَزَّ وَجَلَّ: {نَسُوا اللَّهَ فَنَسِيَهُمْ} [التوبة: ٦٧] والعجب مِنَ الْآدَمِيِّينَ إِنْكَارُهُ وَتَعْظِيمُهُ، وَالْعَجَبُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى قَدْ يَكُونُ بِمَعْنَى الْإِنْكَارِ وَالذَّمِّ، وَقَدْ يَكُونُ بمعنى الاستحسان والرضا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ التَّاءِ عَلَى خِطَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. أَيْ عَجِبْتَ مِنْ تَكْذِيبِهِمْ إياك، {وَيَسْخَرُونَ} [الصافات: ١٢] يعني وهم يسخرون مِنْ تَعَجُّبِكَ. قَالَ قَتَادَةُ: عَجِبَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ هَذَا الْقُرْآنِ حِينَ أُنْزِلَ وَضَلَالِ بَنِي آدَمَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَظُنُّ أَنَّ كُلَّ مَنْ يَسْمَعُ الْقُرْآنَ يُؤْمِنُ بِهِ، فَلَمَّا سَمِعَ الْمُشْرِكُونَ الْقُرْآنَ سَخِرُوا مِنْهُ وَلَمْ يُؤْمِنُوا بِهِ، فَعَجِبَ مِنْ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: (بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ) .

[١٣] {وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ} [الصافات: ١٣] يعني إِذَا وُعِظُوا بِالْقُرْآنِ لَا يَتَّعِظُونَ.

[١٤] {وَإِذَا رَأَوْا آيَةً} [الصافات: ١٤] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُقَاتِلٌ يَعْنِي انشقاق القمر، {يَسْتَسْخِرُونَ} [الصافات: ١٤] يسخرون ويستهزئون، وَقِيلَ: يَسْتَدْعِي بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضٍ السُّخْرِيَةَ.

[١٥] {وَقَالُوا إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ} [الصافات: ١٥] يَعْنِي سِحْرٌ بَيِّنٌ.

[١٦] {أَئِذَا مِتْنَا وَكُنَّا تُرَابًا وَعِظَامًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ} [الصافات: ١٦]

[١٧] {أَوَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ} [الصافات: ١٧] أَيْ وَآبَاؤُنَا الْأَوَّلُونَ.

[١٨] {قُلْ نَعَمْ} [الصافات: ١٨] تبعثون، {وَأَنْتُمْ دَاخِرُونَ} [الصافات: ١٨] صَاغِرُونَ، وَالدُّخُورُ أَشَدُّ الصَّغَارِ.

[١٩] {فَإِنَّمَا هِيَ} [الصافات: ١٩] أَيْ قِصَّةُ الْبَعْثِ أَوِ الْقِيَامَةِ، {زَجْرَةٌ} [الصافات: ١٩] أي صيحة، {وَاحِدَةٌ} [الصافات: ١٩] يَعْنِي نَفْخَةُ الْبَعْثِ، {فَإِذَا هُمْ يَنْظُرُونَ} [الصافات: ١٩] أحياء.

[٢٠] {وَقَالُوا يا وَيْلَنَا هَذَا يَوْمُ الدِّينِ} [الصافات: ٢٠] أَيْ يَوْمُ الْحِسَابِ وَيَوْمُ الْجَزَاءِ.

[٢١] {هَذَا يَوْمُ الْفَصْلِ} [الصافات: ٢١] يَوْمُ الْقَضَاءِ، وَقِيلَ: يَوْمُ الْفَصْلِ بَيْنَ الْمُحْسِنِ وَالْمُسِيءِ، {الَّذِي كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ} [الصافات: ٢١] ٢٢،

[٢٣] {احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا} [الصافات: ٢٢] أَيْ أَشْرَكُوا، اجْمَعُوهُمْ إِلَى الْمَوْقِفِ للحساب والجزاء، {وَأَزْوَاجَهُمْ} [الصافات: ٢٢] أشياعهم وَأَتْبَاعَهُمْ وَأَمْثَالَهُمْ، قَالَ قَتَادَةُ وَالْكَلْبِيُّ: كل من عَمَلٍ مِثْلِ عَمَلِهِمْ فَأَهْلُ الْخَمْرِ مَعَ أَهْلِ الْخَمْرِ وَأَهْلُ الزِّنَا مَعَ أَهْلِ الزِّنَا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ ومقاتل: وقرناءهم مِنَ الشَّيَاطِينِ كُلُّ كَافِرٍ مَعَ شَيْطَانِهِ فِي سِلْسِلَةٍ. وَقَالَ الْحَسَنُ: وَأَزْوَاجُهُمُ الْمُشْرِكَاتُ. {وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ} [الصافات: ٢٢]

<<  <  ج: ص:  >  >>