للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[٦] {وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ} [ص: ٦] أَيِ انْطَلَقُوا مِنْ مَجْلِسِهِمُ الَّذِي كانوا فيه ويقول بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ أَيْ اثْبُتُوا عَلَى عِبَادَةِ آلِهَتِكُمْ، {إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ} [ص: ٦] أي الأمر يُرَادُ بِنَا، وَذَلِكَ أَنَّ عُمَرَ لَمَّا أَسْلَمَ وَحَصَلَ لِلْمُسْلِمِينَ قُوَّةٌ لمكانه قَالُوا: إِنَّ هَذَا الَّذِي نَرَاهُ من زيادة أصحاب محمد لَشَيْءٌ يُرَادُ بِنَا، وَقِيلَ: يُرَادُ بِأَهْلِ الْأَرْضِ، وَقِيلَ: يُرَادُ بِمُحَمَّدٍ أَنْ يُمَلَّكَ عَلَيْنَا.

[٧] {مَا سَمِعْنَا بِهَذَا} [ص: ٧] أَيْ بِهَذَا الَّذِي يَقُولُهُ مُحَمَّدٌ مِنَ التَّوْحِيدِ، {فِي الْمِلَّةِ الْآخِرَةِ} [ص: ٧] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْكَلْبِيُّ وَمُقَاتِلٌ: يعنون في النَّصْرَانِيَّةَ لِأَنَّهَا آخِرُ الْمَلَلِ وَهُمْ لَا يُوَحِّدُونَ، بَلْ يَقُولُونَ ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: يَعْنُونَ ملة قريش ودينهما الَّذِي هُمْ عَلَيْهِ، {إِنْ هَذَا إِلَّا اخْتِلَاقٌ} [ص: ٧] كَذِبٌ وَافْتِعَالٌ.

[٨] {أَؤُنْزِلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ} [ص: ٨] القرآن، {مِنْ بَيْنِنَا} [ص: ٨] وَلَيْسَ بِأَكْبَرِنَا وَلَا أَشْرَفِنَا، يَقُولُهُ أَهْلُ مَكَّةَ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: {بَلْ هُمْ فِي شَكٍّ مِنْ ذِكْرِي} [ص: ٨] أَيْ وَحْيِي وَمَا أَنْزَلْتُ، {بَلْ لَمَّا يَذُوقُوا عَذَابِ} [ص: ٨] أي لم يذوقوا عذابي، وَلَوْ ذَاقُوهُ لَمَا قَالُوا هَذَا القول.

[٩] {أَمْ عِنْدَهُمْ} [ص: ٩] أعندهم، {خَزَائِنُ رَحْمَةِ رَبِّكَ} [ص: ٩] يعني نعمة ربك مَفَاتِيحَ النُّبُوَّةِ يُعْطُونَهَا مَنْ شَاءُوا، ونظيره {أَهُمْ يَقْسِمُونَ رَحْمَتَ رَبِّكَ} [الزُّخْرُفُ: ٣٢] أَيْ نُبُوَّةَ رَبِّكَ، {الْعَزِيزِ الْوَهَّابِ} [ص: ٩] الْعَزِيزِ فِي مُلْكِهِ الْوَهَّابِ وَهَبَ النُّبُوَّةَ لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

[١٠] {أَمْ لَهُمْ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا} [ص: ١٠] أَيْ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ، {فَلْيَرْتَقُوا فِي الْأَسْبَابِ} [ص: ١٠] أَيْ إِنِ ادَّعَوْا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ فَلْيَصْعَدُوا فِي الْأَسْبَابِ الَّتِي توصلهم إلى السماء فليأتوا مِنْهَا بِالْوَحْيِ إِلَى مَنْ يَخْتَارُونَ قَالَ مُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ: أَرَادَ بِالْأَسْبَابِ أَبْوَابَ السَّمَاءِ وَطُرُقَهَا مِنْ سَمَاءٍ إِلَى سَمَاءٍ، وَكُلُّ مَا يُوَصِّلُكَ إِلَى شَيْءٍ مِنْ بَابٍ أَوْ طَرِيقٍ فَهُوَ سَبَبُهُ، وَهَذَا أَمْرُ تَوْبِيخٍ وَتَعْجِيزٍ.

[١١] {جُنْدٌ مَا هُنَالِكَ} [ص: ١١] أَيْ هَؤُلَاءِ الَّذِينَ يَقُولُونَ هَذَا القول جند ما هنالك، و (ما) صلة، {مَهْزُومٌ} [ص: ١١] مغلوب، {مِنَ الْأَحْزَابِ} [ص: ١١] أَيْ مِنْ جُمْلَةِ الْأَجْنَادِ يَعْنِي قُرَيْشًا، قَالَ قَتَادَةُ: أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ بِمَكَّةَ أَنَّهُ سَيَهْزِمُ جند المشركين، وقال سيهزم الجمع ويولون الدبر، فجاء تأويلها يوم بدر، وهنالك إِشَارَةٌ إِلَى بَدْرٍ وَمَصَارِعِهِمْ، {مِنَ الْأَحْزَابِ} [ص: ١١] أَيْ: مِنْ جُمْلَةِ الْأَحْزَابِ، أَيْ: هُمْ مِنَ الْقُرُونِ الْمَاضِيَةِ الَّذِينَ تَحَزَّبُوا وَتَجَمَّعُوا عَلَى الْأَنْبِيَاءِ بِالتَّكْذِيبِ، فَقُهِرُوا وَأُهْلِكُوا.

[١٢] ثُمَّ قَالَ مُعَزِّيًا لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَفِرْعَوْنُ ذُو الْأَوْتَادِ} [ص: ١٢] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ: ذُو الْبِنَاءِ الْمُحْكَمِ، وَقِيلَ: أَرَادَ ذُو الْمُلْكِ الشَّدِيدِ الثَّابِتِ، وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: تَقُولُ الْعَرَبُ هُمْ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>