للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَزْوَاجٌ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مُشْبَعَةً عَلَى الْوَاحِدِ، {مِنْ شَكْلِهِ} [ص: ٥٨] مِثْلِهِ أَيْ مِثْلُ الْحَمِيمِ وَالْغَسَّاقِ {أَزْوَاجٌ} [ص: ٥٨] أَيْ أَصْنَافٌ أُخَرُ مِنَ الْعَذَابِ.

[٥٩] {هَذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ} [ص: ٥٩] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَذَا هُوَ أَنَّ الْقَادَةَ إِذَا دَخَلُوا النَّارَ ثُمَّ دَخَلَ بَعْدَهُمُ الْأَتْبَاعُ قَالَتِ الخزنة للكفار: هَذَا يَعْنِي الْأَتْبَاعُ فَوْجٌ: جَمَاعَةٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمُ النَّارَ، أَيْ دَاخِلُوهَا كَمَا أَنْتُمْ دَخَلْتُمُوهَا، وَالْفَوْجُ الْقَطِيعُ مِنَ النَّاسِ وَجَمْعُهُ أَفْوَاجٌ، وَالِاقْتِحَامُ الدُّخُولُ فِي الشَّيْءِ رَمْيًا بِنَفْسِهِ فِيهِ، قَالَ الْكَلْبِيُّ: إِنَّهُمْ يُضْرَبُونَ بِالْمَقَامِعِ حَتَّى يُوقِعُوا أَنْفُسَهُمْ فِي النَّارِ خَوْفًا مِنْ تِلْكَ الْمَقَامِعِ، فَقَالَتِ الْقَادَةُ: {لَا مَرْحَبًا بِهِمْ} [ص: ٥٩] يعني بالأتباع، {إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ} [ص: ٥٩] أَيْ دَاخِلُوهَا كَمَا صَلَيْنَا.

[٦٠] {قَالُوا} [ص: ٦٠] فَقَالَ الْأَتْبَاعُ لِلْقَادَةِ، {بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَبًا بِكُمْ} [ص: ٦٠] وَالْمَرْحَبُ وَالرَّحْبُ: السَّعَةُ، تَقُولُ الْعَرَبُ: مَرْحَبًا وَأَهْلًا وَسَهْلًا أَيْ أَتَيْتَ رَحْبًا وَسِعَةً، وَتَقُولُ: لَا مَرْحَبًا بِكَ أَيْ لَا رَحُبَتْ عَلَيْكَ الأرض. {أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا} [ص: ٦٠] يَقُولُ الْأَتْبَاعُ لِلْقَادَةِ: أَنْتُمْ بَدَأْتُمْ بِالْكُفْرِ قَبْلَنَا وَشَرَعْتُمْ وَسَنَنْتُمُوهُ لَنَا وَقِيلَ: أَنْتُمْ قَدَّمْتُمْ هَذَا الْعَذَابَ لَنَا بِدُعَائِكُمْ إِيَّانَا إِلَى الْكُفْرِ، {فَبِئْسَ الْقَرَارُ} [ص: ٦٠] أَيْ فَبِئْسَ دَارُ الْقَرَارِ جَهَنَّمُ.

[٦١] {قَالُوا} [ص: ٦١] يَعْنِي الْأَتْبَاعُ، {رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا} [ص: ٦١] أَيْ شَرَعَهُ وَسَنَّهُ لَنَا، {فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ} [ص: ٦١] أَيْ ضَعِّفْ عَلَيْهِ الْعَذَابَ فِي النَّارِ. قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: يَعْنِي حيات وأفاعي.

[قوله تعالى وَقَالُوا مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ] مِنَ الْأَشْرَارِ. . .

[٦٢] {وَقَالُوا} [ص: ٦٢] يَعْنِي صَنَادِيدَ قُرَيْشٍ وَهُمْ فِي النَّارِ، {مَا لَنَا لَا نَرَى رِجَالًا كُنَّا نَعُدُّهُمْ} [ص: ٦٢] في الدنيا، {مِنَ الْأَشْرَارِ} [ص: ٦٢] يَعْنُونَ فُقَرَاءَ الْمُؤْمِنِينَ: عَمَّارًا وَخَبَّابًا وَصُهَيْبًا وَبِلَالًا وَسَلْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ، ثُمَّ ذَكَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا يَسْخَرُونَ مِنْ هَؤُلَاءِ، فَقَالُوا:

[٦٣] {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} [ص: ٦٣] قَرَأَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: (مِنَ الْأَشْرَارِ اتَّخَذْنَاهُمْ) وَصْلٌ، وَيَكْسِرُونَ الْأَلِفَ عِنْدَ الِابْتِدَاءِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِقَطْعِ الْأَلِفِ وَفَتْحِهَا عَلَى الِاسْتِفْهَامِ، قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: الْقِرَاءَةُ الْأُولَى أُولَى لِأَنَّهُمْ عَلِمُوا أَنَّهُمُ اتَّخَذُوهُمْ سِخْرِيًّا فَلَا يَسْتَقِيمُ الِاسْتِفْهَامُ، وَتَكُونُ أَمْ عَلَى هَذِهِ الْقِرَاءَةِ بِمَعْنَى بَلْ، وَمَنْ فَتَحَ الْأَلِفَ قَالَ هُوَ عَلَى اللَّفْظِ لَا عَلَى الْمَعْنَى لِيُعَادِلَ (أَمْ) فِي قَوْلِهِ: {أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} [ص: ٦٣] قَالَ الْفَرَّاءُ: هَذَا مِنَ الِاسْتِفْهَامِ الَّذِي مَعْنَاهُ التَّوْبِيخُ وَالتَّعَجُّبُ، {أَمْ زاغَت} [ص: ٦٣] أي مالت {عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} [ص: ٦٣] وَمَجَازُ الْآيَةِ: مَا لَنَا لَا نَرَى هَؤُلَاءِ الَّذِينَ اتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا لَمْ يَدْخُلُوا مَعَنَا النَّارَ؟ أَمْ دَخَلُوهَا فَزَاغَتْ عَنْهُمْ أَبْصَارُنَا فَلَمْ نرهم حين دخلوا؟ وَقِيلَ: أَمْ هُمْ فِي النَّارِ ولكن احتجبوا عن أبصارنا؟ فقال ابن كيسان: يعني أَمْ كَانُوا خَيْرًا مَنَّا وَلَكِنْ نحن لا نعلم، وكانت أَبْصَارُنَا تَزِيغُ عَنْهُمْ فِي الدُّنْيَا فَلَا نَعُدُّهُمْ شَيْئًا.

[٦٤] {إِنَّ ذَلِكَ} [ص: ٦٤] الذي ذكرت، {لَحَقٌّ} [ص: ٦٤] ثُمَّ بَيَّنَ فَقَالَ، {تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ} [ص: ٦٤] أَيْ تُخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ فِي النار لحق.

[٦٥] {قُلْ} [ص: ٦٥] يَا مُحَمَّدُ لِمُشْرِكِي مَكَّةَ، {إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ} [ص: ٦٥] مُخَوِّفٌ، {وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ} [ص: ٦٥]

[٦٦] {رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ} [ص: ٦٦]

[٦٧] قوله: {قُلْ} [ص: ٦٧] يا محمد، {هُوَ} [ص: ٦٧] يعني القرآن، {نَبَأٌ عَظِيمٌ} [ص: ٦٧] قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَقَتَادَةُ، وقيل: هو يعني القيامة لقوله: {عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ - عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} [النَّبَأِ: ١ - ٢]

[٦٨] {أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ - مَا كَانَ لِيَ مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى} [ص: ٦٨ - ٦٩] يعني الملائكة، {إِذْ يَخْتَصِمُونَ} [ص: ٦٩] يَعْنِي فِي شَأْنِ آدَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، حِينَ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا} [الْبَقَرَةِ: ٣٠]

<<  <  ج: ص:  >  >>