للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خَالِصًا لَهُ لَا شَرِيكَ وَلَا مُنَازِعَ لَهُ فِيهِ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ (سَلَمًا) بِفَتْحِ اللَّامِ مِنْ غَيْرِ أَلِفٍ، وَهُوَ الَّذِي لَا يُنَازَعُ فِيهِ مِنْ قَوْلِهِمْ: هُوَ لَكَ سَلَمٌ، أَيْ مُسَلَّمٌ لَا مُنَازِعَ لَكَ فِيهِ. {هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلًا} [الزمر: ٢٩] هَذَا مَثَلٌ ضَرَبَهُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ لِلْكَافِرِ الَّذِي يَعْبُدُ آلِهَةً شَتَّى، وَالْمُؤْمِنُ الَّذِي لَا يَعْبُدُ إِلَّا اللَّهَ الْوَاحِدَ، وَهَذَا اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ أَيْ لَا يَسْتَوِيَانِ، ثُمَّ قال: {الْحَمْدُ لِلَّهِ} [الزمر: ٢٩] أَيْ لِلَّهِ الْحَمْدُ كُلُّهُ دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْمَعْبُودِينَ. {بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: ٢٩] مَا يَصِيرُونَ إِلَيْهِ وَالْمُرَادُ بِالْأَكْثَرِ الكل.

[٣٠] {إِنَّكَ مَيِّتٌ} [الزمر: ٣٠] أي ستموت، {وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ} [الزمر: ٣٠] أَيْ سَيَمُوتُونَ، قَالَ الْفَرَّاءُ وَالْكِسَائِيُّ: الْمَيِّتُ بِالتَّشْدِيدِ مَنْ لَمْ يَمُتْ وَسَيَمُوتُ، الْمَيْتُ بِالتَّخْفِيفِ مَنْ فَارَقَهُ الروح، ولذلك لم يخفف ههنا.

[٣١] {ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ} [الزمر: ٣١] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَعْنِي الْمُحِقَّ والمبطل والظالم والمظلوم.

[قَوْلُهُ تَعَالَى فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ] بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءَهُ. . .

[٣٢] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ} [الزمر: ٣٢] فَزَعْمَ أَنَّ لَهُ وَلَدًا وَشَرِيكًا، {وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ} [الزمر: ٣٢] بِالْقُرْآنِ، {إِذْ جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى} [الزمر: ٣٢] منزل ومقام، {لِلْكَافِرِينَ} [الزمر: ٣٢] اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى التَّقْرِيرِ.

[٣٣] {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: ٣٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: {وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ} [الزمر: ٣٣] يَعْنِي رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَ بِلَا إِلَهَ إلا الله {وَصَدَّقَ بِهِ} [الزمر: ٣٣] الرَّسُولُ أَيْضًا بَلَّغَهُ إِلَى الْخَلْقِ. وَقَالَ الْسُّدِّيُّ: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ جِبْرِيلُ جَاءَ بِالْقُرْآنِ، وَصَدَّقَ بِهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَلَقَّاهُ بِالْقَبُولِ. وَقَالَ الْكَلْبِيُّ وَأَبُو الْعَالِيَةِ: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَدَّقَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ. وَقَالَ قَتَادَةُ وَمُقَاتِلٌ: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَصَدَّقَ بِهِ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ، لِقَوْلِهِ عَزَّ وجل: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: ٣٣] وَقَالَ عَطَاءٌ: وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ الْأَنْبِيَاءُ وَصَدَّقَ بِهِ الْأَتْبَاعُ، وَحِينَئِذٍ يكون الذي بمعنى الذين، وَقَالَ الْحَسَنُ: هُمُ الْمُؤْمِنُونَ صَدَّقُوا بِهِ فِي الدُّنْيَا وَجَاءُوا بِهِ فِي الْآخِرَةِ. وَفِي قِرَاءَةِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ: وَالَّذِينَ جَاءُوا بِالصِّدْقِ وَصَدَّقُوا بِهِ. {أُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ} [الزمر: ٣٣] ٣٤،

[٣٥] {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ - لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا} [الزمر: ٣٤ - ٣٥] يَسْتُرُهَا عَلَيْهِمْ بِالْمَغْفِرَةِ، {وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ} [الزمر: ٣٥] قَالَ مُقَاتِلٌ: يَجْزِيهِمْ بِالْمَحَاسِنِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ وَلَا يَجْزِيهِمْ بِالْمَسَاوِئِ.

[٣٦] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} [الزمر: ٣٦] وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ: (عِبَادَهُ) بِالْجَمْعِ يَعْنِي الْأَنْبِيَاءَ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، قَصَدَهُمْ قَوْمُهُمْ بِالسُّوءِ كَمَا قَالَ:

<<  <  ج: ص:  >  >>