للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْأَعْرَجِ، عَلَى جَوَابِ لَعَلَّ بِالْفَاءِ، {وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ} [غافر: ٣٧] يعني موسى، {كَاذِبًا} [غافر: ٣٧] فيما يقولون إِنَّ لَهُ رِبًّا غَيْرِي، {وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ} [غافر: ٣٧] قَرَأَ أَهْلُ الْكُوفَةِ وَيَعْقُوبُ (وَصُدَّ) بِضَمِّ الصَّادِ نَسَقًا عَلَى قَوْلِهِ: (زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: صَدَّهُ اللَّهُ عَنْ سَبِيلِ الْهُدَى. وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْفَتْحِ أَيْ صَدَّ فِرْعَوْنُ النَّاسَ عَنِ السَّبِيلِ. {وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ} [غافر: ٣٧] يَعْنِي وَمَا كَيْدُهُ فِي إِبْطَالِ آيات الله وآيات مُوسَى إِلَّا فِي خَسَارٍ وَهَلَاكٍ.

[٣٨] {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ} [غافر: ٣٨] طريق الهدى.

[٣٩] {يا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ} [غافر: ٣٩] مُتْعَةٌ تَنْتَفِعُونَ بِهَا مُدَّةً ثُمَّ تَنْقَطِعُ، {وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ} [غافر: ٣٩] الَّتِي لَا تَزُولُ.

[٤٠] {مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ} [غافر: ٤٠] قَالَ مُقَاتِلٌ: لَا تَبِعَةَ عَلَيْهِمْ فِيمَا يُعْطَوْنَ فِي الْجَنَّةِ مِنَ الخير.

[قوله تعالى وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي] إِلَى النَّارِ. . .

[٤١] {وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ} [غافر: ٤١] يعني مالكم كما تقول العرب: مالي أراك حزينا؟ أي مالك؟ يَقُولُ: أَخْبِرُونِي عَنْكُمْ كَيْفَ هَذِهِ الْحَالُ أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ مِنَ النَّارِ بِالْإِيمَانِ بِاللَّهِ، {وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ} [غافر: ٤١] إِلَى الشِّرْكِ الَّذِي يُوجِبُ النَّارَ، ثُمَّ فَسَّرَ فَقَالَ:

[٤٢] {تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ} [غافر: ٤٢] الغزيز فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنْ كَفَرَ، الْغَفَّارُ لِذُنُوبِ أَهْلِ التَّوْحِيدِ.

[٤٣] {لَا جَرَمَ} [غافر: ٤٣] حقا، {أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ} [غافر: ٤٣] أَيْ إِلَى الْوَثَنِ، {لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ} [غافر: ٤٣] فقال الْسُّدِّيُّ: لَا يَسْتَجِيبُ لِأَحَدٍ فِي الدُّنْيَا وَلَا فِي الْآخِرَةِ، يَعْنِي لَيْسَتْ لَهُ اسْتِجَابَةُ [دَعْوَةٍ] . وَقِيلَ: ليست به دَعْوَةٌ إِلَى عِبَادَتِهِ فِي الدُّنْيَا لِأَنَّ الْأَوْثَانَ لَا تَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ، وَلَا تَدْعُو إِلَى عِبَادَتِهَا، وَفِي الْآخِرَةِ تَتَبَرَّأُ مِنْ عَابِدِيهَا. {وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ} [غافر: ٤٣] مَرْجِعُنَا إِلَى اللَّهِ فَيُجَازِي كُلًّا بما يستحق، {وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ} [غافر: ٤٣] المشركين، {هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ} [غافر: ٤٣]

[٤٤] {فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ} [غافر: ٤٤] إذا عاينتم العذاب حين ألا يَنْفَعُكُمُ الذِّكْرُ، {وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ} [غافر: ٤٤] وَذَلِكَ أَنَّهُمْ تَوَعَّدُوهُ لِمُخَالَفَتِهِ دِينَهُمْ، {إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ} [غافر: ٤٤] يَعْلَمُ الْمُحِقَّ مِنَ الْمُبْطِلِ ثُمَّ خَرَجَ الْمُؤْمِنُ مِنْ بَيْنِهِمْ، فَطَلَبُوهُ فَلَمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ.

[٤٥] وَذَلِكَ قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {فَوَقَاهُ اللَّهُ سَيِّئَاتِ مَا مَكَرُوا} [غافر: ٤٥] مَا أَرَادُوا بِهِ مِنَ الشَّرِّ، قَالَ قَتَادَةُ: نَجَا مَعَ مُوسَى وكان قبطيا، {وَحَاقَ} [غافر: ٤٥] نَزَلَ، {بِآلِ فِرْعَوْنَ سُوءُ الْعَذَابِ} [غافر: ٤٥] الْغَرَقُ فِي الدُّنْيَا وَالنَّارُ فِي الآخرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>