للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مُجَاهِدٌ، وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: بَيَّنَّا لَهُمْ سَبِيلَ الْهُدَى. وَقِيلَ: دَلَلْنَاهُمْ عَلَى الْخَيْرِ وَالشَّرِّ، كَقَوْلِهِ: {هَدَيْنَاهُ السَّبِيلَ} [الْإِنْسَانِ: ٣] {فَاسْتَحَبُّوا الْعَمَى عَلَى الْهُدَى} [فصلت: ١٧] فَاخْتَارُوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ {فَأَخَذَتْهُمْ صَاعِقَةُ الْعَذَابِ} [فصلت: ١٧] أي هلكة العذاب {الْهُونِ} [فصلت: ١٧] أي ذي الهون وهو الذي يهينهم، ويجزيهم {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [فصلت: ١٧] ١٨،

[١٩] {وَنَجَّيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا وَكَانُوا يَتَّقُونَ - وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ} [فصلت: ١٨ - ١٩] قَرَأَ نَافِعٌ وَيَعْقُوبُ: (نَحْشُرُ) بِالنُّونِ، (أَعْدَاءَ) نَصْبٌ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ وَرَفْعِهَا وَفَتَحَ الشِّينَ (أَعْدَاءُ) رَفْعٌ أَيْ يُجْمَعُ إِلَى النَّارِ {فَهُمْ يُوزَعُونَ} [فصلت: ١٩] يُسَاقُونَ وَيُدْفَعُونَ إِلَى النَّارِ، وَقَالَ قَتَادَةُ وَالسُّدِّيُّ: يُحْبَسُ أَوَّلُهُمْ عَلَى آخِرِهِمْ لِيَتَلَاحَقُوا.

[٢٠] {حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا} [فصلت: ٢٠] جَاءُوا النَّارَ {شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ} [فصلت: ٢٠] أَيْ بَشْرَاتُهُمْ، {بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [فصلت: ٢٠] وقال السدي وجماعة: المراد بالجلد الْفُرُوجُ. وَقَالَ مُقَاتِلٌ: تَنْطِقُ جَوَارِحُهُمْ بِمَا كَتَمَتِ الْأَلْسُنُ مِنْ عَمَلِهِمْ.

[قوله تعالى وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا] أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ. . .

[٢١] {وَقَالُوا} [فصلت: ٢١] يَعْنِي الْكُفَّارُ الَّذِينَ يُحْشَرُونَ إِلَى النَّارِ، {لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ} [فصلت: ٢١] تَمَّ الْكَلَامُ هَاهُنَا. وَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى، {وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ} [فصلت: ٢١] وَلَيْسَ هَذَا مِنْ جَوَابِ الْجُلُودِ، {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [فصلت: ٢١]

[٢٢] {وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَتِرُونَ} [فصلت: ٢٢] أَيْ: تَسْتَخْفُونَ - عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: تَتَّقُونَ. وَقَالَ قَتَادَةُ: تَظُنُّونَ. {أَنْ يَشْهَدَ عَلَيْكُمْ سَمْعُكُمْ وَلَا أَبْصَارُكُمْ وَلَا جُلُودُكُمْ وَلَكِنْ ظَنَنْتُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ} [فصلت: ٢٢]

[٢٣] قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ} [فصلت: ٢٣] أَهْلَكَكُمْ، أَيْ: ظَنُّكُمْ أَنَّ اللَّهَ لَا يَعْلَمُ كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ، أَرْدَاكُمْ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: طَرَحَكُمْ فِي النَّارِ، {فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [فصلت: ٢٣] ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ حَالِهِمْ فَقَالَ:

[٢٤] {فَإِنْ يَصْبِرُوا فَالنَّارُ مَثْوًى لَهُمْ} [فصلت: ٢٤] مسكن لهم، {وَإِنْ يَسْتَعْتِبُوا} [فصلت: ٢٤] يسترضوا وطلبوا الْعُتْبَى، {فَمَا هُمْ مِنَ الْمُعْتَبِينَ} [فصلت: ٢٤] الْمَرْضِيْنَ، وَالْمُعْتَبُ الَّذِي قُبِلَ عِتَابُهُ وَأُجِيبَ إِلَى مَا سَأَلَ، يُقَالُ: أَعْتَبَنِي فَلَانٌ أَيْ أَرْضَانِي بَعْدَ إسخاطه إياي، واستعتبه طَلَبْتُ مِنْهُ أَنْ يَعْتِبَ أَيْ يرضى.

[٢٥] {وَقَيَّضْنَا لَهُمْ} [فصلت: ٢٥] أَيْ بَعَثْنَا وَوَكَّلْنَا، وَقَالَ مُقَاتِلٌ: هَيَّأْنَا. وَقَالَ الزَّجَّاجُ: سَبَّبْنَا لَهُمْ. {قُرَنَاءَ} [فصلت: ٢٥] نُظَرَاءَ مِنَ الشَّيَاطِينِ حَتَّى أَضَلُّوهُمْ، {فَزَيَّنُوا لَهُمْ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ} [فصلت: ٢٥] مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا حَتَّى آثَرُوهُ على الآخرة، {وَمَا خَلْفَهُمْ} [فصلت: ٢٥] مِنْ أَمْرِ الْآخِرَةِ فَدَعَوْهُمْ إِلَى التَّكْذِيبِ بِهِ وَإِنْكَارِ الْبَعْثِ، {وَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ} [فصلت: ٢٥] مَعَ أُمَمٍ {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ} [فصلت: ٢٥]

<<  <  ج: ص:  >  >>