للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القتال. {لِيَجْزِيَ قَوْمًا} [الجاثية: ١٤] قَرَأَ ابْنُ عَامِرٍ وَحَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ (لنجزي) بالنون، قرأ الْآخَرُونَ بِالْيَاءِ، أَيْ لِيَجْزِيَ اللَّهُ، وَقَرَأَ أَبُو جَعْفَرٍ (ليُجزى) بِضَمِّ الْيَاءِ الْأُولَى وَسُكُونِ الثَّانِيَةِ وَفَتْحِ الزَّايِ، قَالَ أَبُو عَمْرٍو: وَهُوَ لَحْنٌ. قَالَ الْكِسَائِيُّ: مَعْنَاهُ لِيَجْزِيَ الْجَزَاءَ قَوْمًا، {بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [الجاثية: ١٤] ١٥،

[١٦] {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ - وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ} [الجاثية: ١٥ - ١٦] التَّوْرَاةُ، {وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ} [الجاثية: ١٦] الْحَلَالَاتِ يَعْنِي الْمَنَّ وَالسَّلْوَى، {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ} [الجاثية: ١٦] أَيْ عَالَمِي زَمَانِهِمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَمْ يَكُنْ أَحَدٌ مِنَ الْعَالَمِينَ فِي زَمَانِهِمْ أَكْرَمَ عَلَى اللَّهِ وَلَا أَحَبَّ إِلَيْهِ مِنْهُمْ.

[١٧] {وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ} [الجاثية: ١٧] يَعْنِي الْعِلْمَ بِمَبْعَثِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَمَا بَيَّنَ لَهُمْ مِنْ أَمْرِهِ، {فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ} [الجاثية: ١٧]

[١٨] {ثُمَّ جَعَلْنَاكَ} [الجاثية: ١٨] يا محمد {عَلَى شَرِيعَةٍ} [الجاثية: ١٨] سُنَّةٍ وَطَرِيقَةٍ بَعْدَ مُوسَى، {مِنَ الْأَمْرِ} [الجاثية: ١٨] مِنَ الدِّينِ، {فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الجاثية: ١٨] يَعْنِي مُرَادَ الْكَافِرِينَ، وَذَلِكَ أَنَّهُمْ كَانُوا يَقُولُونَ لَهُ ارْجِعْ إِلَى دِينِ آبَائِكِ، فَإِنَّهُمْ كَانُوا أَفْضَلَ مِنْكَ.

[١٩] فَقَالَ جَلَّ ذِكْرُهُ: {إِنَّهُمْ لَنْ يُغْنُوا عَنْكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا} [الجاثية: ١٩] لَنْ يَدْفَعُوا عَنْكَ مِنْ عَذَابِ اللَّهِ شَيْئًا إِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءَهُمْ، {وَإِنَّ الظَّالِمِينَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَاللَّهُ وَلِيُّ الْمُتَّقِينَ} [الجاثية: ١٩]

[٢٠] {هَذَا} [الجاثية: ٢٠] يعني القرآن، {بَصَائِرُ} [الجاثية: ٢٠] معالم، {لِلنَّاسِ} [الجاثية: ٢٠] فِي الْحُدُودِ وَالْأَحْكَامِ يُبْصِرُونَ بِهَا، {وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} [الجاثية: ٢٠]

[٢١] {أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ} [الجاثية: ٢١] بل حسب، {اجْتَرَحُوا السَّيِّئَاتِ} [الجاثية: ٢١] اكْتَسَبُوا الْمَعَاصِيَ وَالْكُفْرَ {أَنْ نَجْعَلَهُمْ كَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ} [الجاثية: ٢١] نَزَلَتْ فِي نَفَرٍ مِنْ مُشْرِكِي مَكَّةَ، قَالُوا لِلْمُؤْمِنِينَ: لَئِنْ كَانَ مَا تَقُولُونَ حَقًّا لَنُفَضَّلَنَّ عَلَيْكُمْ فِي الْآخِرَةِ كَمَا فُضِّلْنَا عَلَيْكُمْ في الدنيا، {سَوَاءً مَحْيَاهُمْ} [الجاثية: ٢١] قَرَأَ حَمْزَةُ وَالْكِسَائِيُّ وَحَفْصٌ وَيَعْقُوبُ (سَوَاءً) بِالنَّصْبِ أَيْ نَجْعَلُهُمْ سَوَاءً، يَعْنِي أَحَسِبُوا أَنَّ حَيَاةَ الْكَافِرِينَ {وَمَمَاتُهُمْ} [الجاثية: ٢١] كَحَيَاةِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَوْتِهِمْ سَوَاءً كَلَّا، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالرَّفْعِ عَلَى الِابْتِدَاءِ وَالْخَبَرِ أَيْ مَحْيَاهُمْ وَمَمَاتُهُمْ سَوَاءٌ فَالضَّمِيرُ فِيهِمَا يَرْجِعُ إِلَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْكَافِرِينَ جَمِيعًا، مَعْنَاهُ الْمُؤْمِنُ مُؤْمِنٌ مَحْيَاهُ وَمَمَاتَهُ أَيْ فِي الدُّنْيَا والآخرة والكافر كافر محياه ومماته فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، {سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ} [الجاثية: ٢١] بئس ما يقضون.

[٢٢] {وَخَلَقَ اللَّهُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ وَلِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ} [الجاثية: ٢٢]

[قوله تعالى أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ وَأَضَلَّهُ] اللَّهُ عَلَى عِلْمٍ وَخَتَمَ عَلَى سَمْعِهِ وَقَلْبِهِ. . .

[٢٣] {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} [الجاثية: ٢٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالْحَسَنُ وَقَتَادَةُ: معناه ذَلِكَ الْكَافِرُ اتَّخَذَ دِينَهُ مَا يَهْوَاهُ، فَلَا يَهْوَى شَيْئًا إِلَّا رَكِبَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>