للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

{الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ} [ق: ٢٦] وهو النار.

[٢٧] {قَالَ قَرِينُهُ} [ق: ٢٧] يَعْنِي الشَّيْطَانَ الَّذِي قُيِّضَ لِهَذَا الكافر، {رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ} [ق: ٢٧] مَا أَضْلَلْتُهُ وَمَا أَغْوَيْتُهُ، {وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ} [ق: ٢٧] عن الحق فيتبرأ منه شَيْطَانُهُ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَمُقَاتِلٌ: قَالَ قَرِينُهُ يَعْنِي الْمَلِكَ، قَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: يَقُولُ الْكَافِرُ يَا رَبِّ إِنَّ الْمَلِكَ زَادَ عَلَيَّ فِي الْكِتَابَةِ، فَيَقُولُ الْمَلِكُ: رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ، يَعْنِي مَا زِدْتُ عَلَيْهِ وَمَا كتبتُ إِلَّا مَا قَالَ وَعَمِلَ، وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ طَوِيلٍ لَا يَرْجِعُ عَنْهُ إلى الحق.

[٢٨] {قَالَ} [ق: ٢٨] يعني يقول اللَّهُ {لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} [ق: ٢٨] فِي الْقُرْآنِ وَأَنْذَرَتْكُمْ وَحَذَّرَتْكُمْ عَلَى لِسَانِ الرَّسُولِ، وَقَضَيْتُ عَلَيْكُمْ مَا أَنَا قَاضٍ.

[٢٩] {مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} [ق: ٢٩] لَا تَبْدِيلَ لِقَوْلِي وَهُوَ قَوْلُهُ: {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هود: ١١٩] وَقَالَ قَوْمٌ. مَعْنَى قَوْلِهِ: (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) أَيْ: لَا يكذب القول عِنْدِي، وَلَا يُغَيَّرُ الْقَوْلُ عَنْ وَجْهِهِ لِأَنِّي أَعْلَمُ الْغَيْبَ. وَهَذَا قَوْلُ الْكَلْبِيِّ وَاخْتِيَارُ الْفَرَّاءِ، لِأَنَّهُ قَالَ: (مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ) ولم يقل ما يبدل لي. {وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [ق: ٢٩] فَأُعَاقِبُهُمْ بِغَيْرِ جُرْمٍ.

[٣٠] {يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ} [ق: ٣٠] قرأ نافع وأبو بكر بِالْيَاءِ، أَيْ يَقُولُ اللَّهُ لِقَوْلِهِ: (قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ) ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالنُّونِ، {هَلِ امْتَلَأْتِ} [ق: ٣٠] وَذَلِكَ لِمَا سَبَقَ لَهَا مِنْ وَعْدِهِ إِيَّاهَا أَنَّهُ يَمْلَؤُهَا مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ، وَهَذَا السُّؤَالُ مِنَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- لِتَصْدِيقِ خَبَرِهِ وتحقيق وعده، {وَتَقُولُ} [ق: ٣٠] جهنم، {هَلْ مِنْ مَزِيدٍ} [ق: ٣٠] قيل: معناه قد امتلأت فلم يَبْقَ فِيَّ مَوْضِعٌ لَمْ يَمْتَلِئْ، فَهُوَ اسْتِفْهَامُ إِنْكَارٍ، هَذَا قَوْلُ عَطَاءٍ وَمُجَاهِدٍ وَمُقَاتِلِ بْنِ سُلَيْمَانَ، وَقِيلَ: هَذَا اسْتِفْهَامٌ بِمَعْنَى الِاسْتِزَادَةِ، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي صَالِحٍ وَعَلَى هَذَا يَكُونُ السُّؤَالُ بِقَوْلِهِ:

(هَلِ امْتَلَأْتِ) ، قيل دُخُولِ جَمِيعِ أَهْلِهَا فِيهَا، وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى سَبَقَتْ كَلِمَتُهُ {لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [هُودٍ: ١١٩] فَلَمَّا سِيقَ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَيْهَا لَا يُلْقَى فِيهَا فَوْجٌ إِلَّا ذَهَبَ فِيهَا وَلَا يَمْلَؤُهَا شَيْءٌ.

[٣١] {وَأُزْلِفَتِ الْجَنَّةُ} [ق: ٣١] قربت وأدنيت، {لِلْمُتَّقِينَ} [ق: ٣١] الشرك، {غَيْرَ بَعِيدٍ} [ق: ٣١] يَنْظُرُونَ إِلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلُوهَا.

[٣٢] {هَذَا مَا تُوعَدُونَ} [ق: ٣٢] قَرَأَ ابْنُ كَثِيرٍ بِالْيَاءِ وَالْآخَرُونَ بِالتَّاءِ، يُقَالُ لَهُمْ: هَذَا الَّذِي تَرَوْنَهُ مَا تُوعَدُونَ عَلَى أَلْسِنَةِ الْأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلَامُ، {لِكُلِّ أَوَّابٍ} [ق: ٣٢] رَجَّاعٍ إِلَى الطَّاعَةِ عَنِ الْمَعَاصِي، قَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ هُوَ الَّذِي يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوبُ ثُمَّ يُذْنِبُ ثُمَّ يَتُوبُ. وَقَالَ الشَّعْبِيُّ وَمُجَاهِدٌ: الَّذِي يَذْكُرُ ذُنُوبَهُ فِي الْخَلَاءِ فَيَسْتَغْفِرُ مِنْهَا. وَقَالَ الضَّحَّاكُ: هُوَ التَّوَّابُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>