للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المسيب، قال: الْمَحْرُومُ الَّذِي لَيْسَ لَهُ فِي الْإِسْلَامِ سَهْمٌ، وَمَعْنَاهُ فِي اللُّغَةِ: الَّذِي مُنِعَ الْخَيْرَ وَالْعَطَاءَ.

وَقَالَ قَتَادَةُ وَالزُّهْرِيُّ: الْمَحْرُومُ الْمُتَعَفِّفُ الَّذِي لَا يَسْأَلُ.

وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ: هُوَ الْمُصَابُ ثَمَرُهُ أَوْ زَرْعُهُ أَوْ نَسْلُ مَاشِيَتِهِ.

وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ كَعْبٍ الْقُرَظِيِّ، قال: المحروم صاحب الحاجة، ثم قرأ: {إِنَّا لَمُغْرَمُونَ} [الواقعة: ٦٦] {بَلْ نَحْنُ مَحْرُومُونَ} [الْوَاقِعَةِ: ٦٧] ٢٠،

[٢١] {وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ} [الذاريات: ٢٠] عبر، {لِلْمُوقِنِينَ} [الذاريات: ٢٠] إِذَا سَارُوا فِيهَا، مِنَ الْجِبَالِ وَالْبِحَارِ وَالْأَشْجَارِ وَالثِّمَارِ وَأَنْوَاعِ النَّبَاتِ.

{وَفِي أَنْفُسِكُمْ} [الذاريات: ٢١] آيات إذا كَانَتْ نُطْفَةً ثُمَّ عَلَقَةً ثُمَّ مُضْغَةً ثُمَّ عَظْمًا إِلَى أَنْ نُفِخَ فِيهَا الرُّوحُ. وَقَالَ عَطَاءٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: يُرِيدُ اخْتِلَافَ الألسنة والصور والألوان والطبائع.

{أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الذاريات: ٢١] قَالَ مُقَاتِلٌ: أَفَلَا تُبْصِرُونَ كَيْفَ خَلَقَكُمْ فَتَعْرِفُوا قُدْرَتَهُ عَلَى الْبَعْثِ.

[٢٢] {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ} [الذاريات: ٢٢] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَمُقَاتِلٌ: يَعْنِي الْمَطَرَ الَّذِي هُوَ سَبَبُ الأرزاق، {وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات: ٢٢] قَالَ عَطَاءٌ: مِنَ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ.

وَقَالَ مُجَاهِدٌ: مِنَ الْخَيْرِ وَالشَّرِّ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: وَمَا تُوعَدُونَ مِنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ أَقْسَمَ بِنَفْسِهِ فَقَالَ:

[٢٣] {فَوَرَبِّ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ لَحَقٌّ} [الذاريات: ٢٣] أَيْ: مَا ذَكَرْتُ مِنْ أَمْرِ الرزق لَحَقٌّ، {مِثْلَ مَا أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ} [الذاريات: ٢٣] فَتَقُولُونَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ.

وَقِيلَ: شَبَّهَ تَحْقِيقَ مَا أَخْبَرَ عَنْهُ بِتَحْقِيقِ نُطْقِ الْآدَمِيِّ، كَمَا تَقُولُ: إِنَّهُ لِحَقٌّ كَمَا أَنْتَ ههنا، وَإِنَّهُ لَحَقٌّ كَمَا أَنَّكَ تَتَكَلَّمُ، وَالْمَعْنَى: إِنَّهُ فِي صِدْقِهِ وَوُجُودِهِ كَالَّذِي تَعْرِفُهُ ضَرُورَةً.

قَالَ بَعْضُ الْحُكَمَاءِ: يَعْنِي كَمَا أَنَّ كُلَّ إِنْسَانٍ يَنْطِقُ بِلِسَانِ نَفْسِهِ لَا يُمْكِنُهُ أَنْ يَنْطِقَ بِلِسَانِ غَيْرِهِ كذلك كَلُّ إِنْسَانٍ يَأْكُلُ رِزْقَ نَفْسِهِ الَّذِي قُسِمَ لَهُ، وَلَا يَقْدِرُ أن يأكل رزق غيره.

[٢٤] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ} [الذاريات: ٢٤] وهم الملائكة الذين جاءوه بالبشرى كما في سورة هود آية (٦٩) ، {الْمُكْرَمِينَ} [الذاريات: ٢٤] قِيلَ: سَمَّاهُمْ مُكْرَمِينَ لِأَنَّهُمْ كَانُوا مَلَائِكَةً كِرَامًا عِنْدَ اللَّهِ، وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى فِي وَصْفِهِمْ.

{بَلْ عِبَادٌ مُكْرَمُونَ} [الْأَنْبِيَاءِ: ٢٦] وَقِيلَ: لِأَنَّهُمْ كَانُوا ضَيْفَ إِبْرَاهِيمَ وَكَانَ إِبْرَاهِيمُ أَكْرَمَ الْخَلِيقَةِ، وَضَيْفُ الْكِرَامِ مُكْرَمُونَ.

وَقِيلَ: لِأَنَّ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ أَكْرَمَهُمْ بِتَعْجِيلِ قِرَاهُمْ، وَالْقِيَامِ بِنَفْسِهِ عَلَيْهِمْ بِطَلَاقَةِ الْوَجْهِ.

وَقَالَ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ عَنْ مُجَاهِدٍ: خدمته بنفسه إياهم.

وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ: سَمَّاهُمْ مُكْرَمِينَ لِأَنَّهُمْ جَاءُوا غَيْرَ مَدْعُوِّينَ.

[٢٥] {إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَامًا قَالَ} [الذاريات: ٢٥] إبراهيم، {سَلَامٌ قَوْمٌ مُنْكَرُونَ} [الذاريات: ٢٥] أَيْ: غُرَبَاءُ لَا نَعْرِفُكُمْ، قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: قَالَ فِي نَفْسِهِ هَؤُلَاءِ قَوْمٌ لَا نَعْرِفُهُمْ.

وَقِيلَ: إِنَّمَا أَنْكَرَ أَمْرَهُمْ لِأَنَّهُمْ دَخَلُوا عَلَيْهِ مِنْ غَيْرِ اسْتِئْذَانٍ.

وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: أَنْكَرَ سَلَامَهُمْ فِي ذَلِكَ الزَّمَانِ وَفِي تِلْكَ الْأَرْضِ.

[٢٦] {فَرَاغَ} [الذاريات: ٢٦] فَعَدَلَ وَمَالَ، {إِلَى أَهْلِهِ فَجَاءَ بِعِجْلٍ سَمِينٍ} [الذاريات: ٢٦] مشوي.

[٢٧ - ٢٩] {فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ} [الذاريات: ٢٧] لِيَأْكُلُوا فَلَمْ يَأْكُلُوا، {قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ - فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ - فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ} [الذاريات: ٢٧ - ٢٩] أَيْ صَيْحَةٍ، قِيلَ: لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ إِقْبَالًا مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، وَإِنَّمَا هُوَ كَقَوْلِ الْقَائِلِ: أَقْبَلَ يَشْتُمُنِي، بِمَعْنَى أَخَذَ فِي شَتْمِي، أَيْ أَخَذَتْ تُوَلْوِلُ كَمَا قال الله تعالى: {قَالَتْ يا وَيْلَتَى} [هود: ٧٢] {فَصَكَّتْ وَجْهَهَا} [الذاريات: ٢٩] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَطَمَتْ وَجْهَهَا، وَقَالَ الْآخَرُونَ: جَمَعَتْ أَصَابِعَهَا فَضَرَبَتْ جَبِينَهَا تَعَجُّبًا، كَعَادَةِ النِّسَاءِ إِذَا أَنْكَرْنَ شَيْئًا، وَأَصْلُ الصَّكِّ: ضَرْبُ الشَّيْءِ بِالشَّيْءِ الْعَرِيضِ.

{وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ} [الذاريات: ٢٩] مَجَازُهُ: أَتَلِدُ عَجُوزٌ عَقِيمٌ، وَكَانَتْ سَارَةُ لَمْ تَلِدْ قَبْلَ ذَلِكَ.

[٣٠] {قَالُوا كَذَلِكَ قَالَ رَبُّكِ} [الذاريات: ٣٠] أَيْ: كَمَا قُلْنَا لَكَ قَالَ رَبُّكِ: إِنَّكَ سَتَلِدِينَ غُلَامًا،

<<  <  ج: ص:  >  >>