للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يَجْمَعُ لِعَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ ذُرِّيَّتَهُ فِي الْجَنَّةِ كَمَا كَانَ يُحِبُّ فِي الدُّنْيَا أَنْ يَجْتَمِعُوا إِلَيْهِ، يُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ بِفَضْلِهِ وَيُلْحِقُهُمْ بِدَرَجَتِهِ بِعَمَلِ أَبِيهِ، مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْقُصَ الْآبَاءَ مِنْ أَعْمَالِهِمْ شَيْئًا، فَذَلِكَ قوله: {وَمَا أَلَتْنَاهُمْ} [الطور: ٢١] أَيْ مَا نَقَصْنَاهُمْ يَعْنِي الْآبَاءَ، {مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ} [الطور: ٢١] قَالَ مُقَاتِلٌ: كُلُّ امْرِئٍ كَافِرٍ بِمَا عَمِلَ مِنَ الشِّرْكِ مُرْتَهَنٌ فِي النَّارِ وَالْمُؤْمِنُ لَا يَكُونُ مُرْتَهَنًا، لِقَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ: {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ - إِلَّا أَصْحَابَ الْيَمِينِ} [المدثر: ٣٨ - ٣٩] ثُمَّ ذَكَرَ مَا يَزِيدُهُمْ مِنَ الْخَيْرِ وَالنِّعْمَةِ.

[٢٢] فَقَالَ: {وَأَمْدَدْنَاهُمْ بِفَاكِهَةٍ} [الطور: ٢٢] زِيَادَةً عَلَى مَا كَانَ لَهُمْ، {وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ} [الطور: ٢٢] من أنواع اللحمان.

[٢٣] {يَتَنَازَعُونَ} [الطور: ٢٣] يَتَعَاطَوْنَ وَيَتَنَاوَلُونَ، {فِيهَا كَأْسًا لَا لَغْوٌ فِيهَا} [الطور: ٢٣] وهو الباطل.

وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ: لَا فُضُولَ فِيهَا.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: لَا رَفَثَ فِيهَا.

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: لَا سِبَابَ وَلَا تَخَاصُمَ فِيهَا وَقَالَ الْقُتَيْبِيُّ: لَا تَذْهَبُ عُقُولُهُمْ فَيَلْغُوا وَيَرْفُثُوا {وَلَا تَأْثِيمٌ} [الطور: ٢٣] أَيْ لَا يَكُونُ مِنْهُمْ مَا يُؤَثِّمُهُمْ.

قَالَ الزَّجَّاجُ: لَا يَجْرِي بَيْنَهُمْ مَا يُلْغِي وَلَا مَا فِيهِ إِثْمٌ كَمَا يَجْرِي فِي الدنيا بشربة الْخَمْرِ.

وَقِيلَ: لَا يَأْثَمُونَ فِي شربها.

[٢٤] {وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ} [الطور: ٢٤] بالخدمة، {غِلْمَانٌ لَهُمْ كَأَنَّهُمْ} [الطور: ٢٤] فِي الْحُسْنِ وَالْبَيَاضِ وَالصَّفَاءِ، {لُؤْلُؤٌ مَكْنُونٌ} [الطور: ٢٤] مَخْزُونٌ مَصُونٌ لَمْ تَمَسَّهُ الْأَيْدِي.

قال سعيد بن جبير: مكنون يعني في الصدف.

[٢٥] {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ} [الطور: ٢٥] يَسْأَلُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فِي الْجَنَّةِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: يَتَذَاكَرُونَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ التَّعَبِ وَالْخَوْفِ فِي الدُّنْيَا.

[٢٦] {قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا} [الطور: ٢٦] في الدنيا، {مُشْفِقِينَ} [الطور: ٢٦] خَائِفِينَ مِنَ الْعَذَابِ.

[٢٧] {فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا} [الطور: ٢٧] بالمغفرة، {وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ} [الطور: ٢٧] قَالَ الْكَلْبِيُّ: عَذَابَ النَّارِ.

وَقَالَ الْحَسَنُ: السَّمُومُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ جَهَنَّمَ.

[٢٨] {إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ} [الطور: ٢٨] في الدنيا {نَدْعُوهُ} [الطور: ٢٨] نخلص له العبادة، {إِنَّهُ} [الطور: ٢٨] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالْكِسَائِيُّ (أَنَّهُ) بِفَتْحِ الْأَلِفِ، أَيْ لِأَنَّهُ أَوْ بِأَنَّهُ.

وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِالْكَسْرِ عَلَى الاستئناف، {هُوَ الْبَرُّ} [الطور: ٢٨] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: اللَّطِيفُ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: الصَّادِقُ فِيمَا وَعَدَ {الرَّحِيمُ} [الطور: ٢٨]

[٢٩] {فَذَكِّرْ} [الطور: ٢٩] يَا مُحَمَّدُ بِالْقُرْآنِ أَهْلَ مَكَّةَ {فَمَا أَنْتَ بِنِعْمَتِ رَبِّكَ} [الطور: ٢٩] برحمته وعصمته، {بِكَاهِنٍ} [الطور: ٢٩] تبتدع القرآن وَتُخْبِرُ بِمَا فِي غَدٍ مِنْ غير وحي، {وَلَا مَجْنُونٍ} [الطور: ٢٩] نَزَلَتْ فِي الَّذِينَ اقْتَسَمُوا عِقَابَ مَكَّةَ يَرْمُونَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْكِهَانَةِ وَالسِّحْرِ والجنون والشعر.

[٣٠] {أَمْ يَقُولُونَ} [الطور: ٣٠] بَلْ يَقُولُونَ يَعْنِي هَؤُلَاءِ الْمُقْتَسِمِينَ الخراصين.

{شَاعِرٌ} [الطور: ٣٠] أَيْ هُوَ شَاعِرٌ، {نَتَرَبَّصُ بِهِ رَيْبَ الْمَنُونِ} [الطور: ٣٠] حَوَادِثَ الدَّهْرِ وَصُرُوفَهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>