للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَظِيمُ يُلِمُّ بِهِ الْمُسْلِمُ الْمَرَّةَ بَعْدَ الْمَرَّةِ فَيَتُوبُ مِنْهُ.

وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ: هُوَ مَا لَمَّ عَلَى الْقَلْبِ أَيْ خَطَرَ.

وَقَالَ الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَضْلِ: اللَّمَمُ النَّظْرَةُ مِنْ غَيْرِ تَعَمُّدٍ فَهُوَ مغفور، فإن أعاد النظر فَلَيْسَ بِلَمَمٍ وَهُوَ ذَنْبٌ.

{إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ} [النجم: ٣٢] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لِمَنْ فَعَلَ ذلك وتاب، تم الكلام ههنا، ثُمَّ قَالَ: {هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ} [النجم: ٣٢] أَيْ: خَلَقَ أَبَاكُمْ آدَمَ مِنَ التراب، {وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ} [النجم: ٣٢] جَمْعُ جَنِينٍ، سُمِّيَ جَنِينًا لِاجْتِنَانِهِ فِي الْبَطْنِ، {فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ} [النجم: ٣٢] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: لَا تَمْدَحُوهَا.

قَالَ الْحَسَنُ: عَلِمَ اللَّهُ مِنْ كُلِّ نَفْسٍ مَا هِيَ صَانِعَةٌ وَإِلَى مَا هِيَ صَائِرَةٌ، فَلَا تزكوا أنفسكم، فلا تبرؤها عَنِ الْآثَامِ وَلَا تَمْدَحُوهَا بِحُسْنِ أعمالها {هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى} [النجم: ٣٢] أَيْ بَرَّ وَأَطَاعَ وَأَخْلَصَ الْعَمَلَ لله تعالى.

[٣٣] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى} [النجم: ٣٣] نَزَلَتْ فِي الْوَلِيدِ بْنِ الْمُغِيرَةِ، كَانَ قَدِ اتَّبَعَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى دِينِهِ فعيره بعض المشركين، وقال: أَتَرَكْتَ دِينَ الْأَشْيَاخِ وَضَلَلْتَهُمْ؟ قَالَ: إِنِّي خَشِيتُ عَذَابَ اللَّهِ فَضَمِنَ الذي عاتبه إن هو أَعْطَاهُ كَذَا مِنْ مَالِهِ وَرَجَعَ إِلَى شِرْكِهِ أَنْ يَتَحَمَّلَ عَنْهُ عَذَابَ اللَّهِ، فَرَجَعَ الْوَلِيدُ إِلَى الشِّرْكِ وَأَعْطَى الَّذِي عَيَّرَهُ بَعْضَ ذَلِكَ الْمَالِ الَّذِي ضَمِنَ وَمَنْعَهُ تَمَامَهُ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: (أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى) أَدْبَرَ عَنِ الإيمان.

[٣٤] {وَأَعْطَى} [النجم: ٣٤] صاحبه، {قَلِيلًا وَأَكْدَى} [النجم: ٣٤] بخل بالباقي، وَمَعْنَى أَكْدَى: يَعْنِي قَطَعَ، وَأَصْلُهُ مِنَ الْكُدْيَةِ وَهِيَ حَجَرٌ يَظْهَرُ فِي الْبِئْرِ يَمْنَعُ مِنَ الْحَفْرِ، تَقُولُ الْعَرَبُ: أَكْدَى الْحَافِرَ وَأَجْبَلَ إِذَا بَلَغَ فِي الْحَفْرِ الْكُدْيَةَ وَالْجَبَلَ.

[٣٥] {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} [النجم: ٣٥] مَا غَابَ عَنْهُ وَيَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَهُ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ عَذَابَهُ.

[٣٦] {أَمْ لَمْ يُنَبَّأْ} [النجم: ٣٦] لَمْ يُخْبَرْ، {بِمَا فِي صُحُفِ مُوسَى} [النجم: ٣٦] يعني: أسفار التوراة.

[٣٧] {وَإِبْرَاهِيمَ} [النجم: ٣٧] وفي صُحُفِ إِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ، {الَّذِي وَفَّى} [النجم: ٣٧] تَمَّمَ وَأَكْمَلَ مَا أُمِرَ بِهِ.

قَالَ الْحَسَنُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وقَتَادَةُ: عَمِلَ بِمَا أُمِرَ بِهِ وَبَلَّغَ رِسَالَاتِ رَبِّهِ إِلَى خَلْقِهِ.

قَالَ مُجَاهِدٌ: وَفَّى بِمَا فُرِضَ عَلَيْهِ.

قَالَ الرَّبِيعُ: وَفَّى رُؤْيَاهُ وَقَامَ بِذَبْحِ ابْنِهِ.

وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: اسْتَكْمَلَ الطَّاعَةَ.

وَقَالَ أَبُو العالية: وفى سهام الإسلام، وَالتَّوْفِيَةُ الْإِتْمَامُ.

وَقَالَ الضَّحَّاكُ: وَفَّى ميثاق المناسك.

[٣٨] ثُمَّ بَيَّنَ مَا فِي صُحُفِهِمَا فَقَالَ: {أَلَّا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [النجم: ٣٨] أَيْ لَا تَحْمِلُ نَفْسٌ حَامِلَةٌ حِمْلَ أُخْرَى، وَمَعْنَاهُ: لَا تُؤْخَذُ نفس بإثم غيرها.

[٣٩] {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} [النجم: ٣٩] أَيْ عَمِلَ كَقَوْلِهِ: {إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى} [اللَّيْلِ: ٤] وَهَذَا أَيْضًا فِي صحف إبراهيم وموسى.

[٤٠] {وَأَنَّ سَعْيَهُ سَوْفَ يُرَى} [النجم: ٤٠] فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>