للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يَكْشِفُ عَنْهَا وَلَا يُظْهِرُهَا غَيْرُهُ.

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَيْسَ لَهَا رَادٌّ يَعْنِي إِذَا غَشِيَتِ الْخَلْقَ أَهْوَالُهَا وَشَدَائِدُهَا لَمْ يَكْشِفْهَا وَلَمْ يَرُدَّهَا عنهم أحد. ٥٩،

[٦٠] {أَفَمِنْ هَذَا الْحَدِيثِ} [النجم: ٥٩] يعني القرآن، {تَعْجَبُونَ - وَتَضْحَكُونَ} [النجم: ٥٩ - ٦٠] الاستهزاء، {وَلَا تَبْكُونَ} [النجم: ٦٠] لما فيه من الوعد والوعيد.

[٦١] {وَأَنْتُمْ سَامِدُونَ} [النجم: ٦١] لاهون غافلون.

والسمود الْغَفْلَةُ عَنِ الشَّيْءِ وَاللَّهْوُ، يُقَالُ: دع عنا سُمُودَكَ أَيْ لَهْوَكَ، هَذَا رِوَايَةُ الْوَالِبِيُّ وَالْعَوْفِيُّ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَقَالَ عِكْرِمَةُ عَنْهُ: هُوَ الْغِنَاءُ بِلُغَةِ أَهْلِ الْيَمَنِ وَكَانُوا إِذَا سَمِعُوا الْقُرْآنَ تَغَنَّوْا وَلَعِبُوا، وَقَالَ الضحاك: آشرون بطرون.

[٦٢] {فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا} [النجم: ٦٢] أي واعبدوه.

[سورة الْقَمَرُ]

[قوله تعالى اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ. . .]

(٥٤) سورة الْقَمَرُ [١] {اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ} [القمر: ١] دنت القيامة، {وَانْشَقَّ الْقَمَرُ} [القمر: ١] عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ: أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ سَأَلُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ يُرِيَهُمْ آيَةً فَأَرَاهُمُ الْقَمَرَ شَقَّتَيْنِ حتى رأوا حراء بينهما (١) .

[٢] {وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ} [القمر: ٢] أَيْ ذَاهِبٌ وَسَوْفَ يَذْهَبُ وَيَبْطُلُ مِنْ قَوْلِهِمْ مَرَّ الشَّيْءُ وَاسْتَمَرَّ إِذَا ذَهَبَ، مِثْلُ قَوْلِهِمْ: قَرَّ واستقر، هَذَا قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَقَتَادَةَ، وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ وَالضَّحَّاكُ: مُسْتَمِرٌّ أَيْ قَوِيٌّ شَدِيدٌ يَعْلُو كُلَّ سِحْرٍ، مِنْ قَوْلِهِمْ: مَرَّ الْحَبْلُ إِذَا صلب واشتد، وأمررته أنا إِذَا أَحْكَمْتُ فَتْلَهُ وَاسْتَمَرَّ الشَّيْءُ إِذَا قَوِيَ وَاسْتَحْكَمَ.

[٣] {وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ} [القمر: ٣] أَيْ كَذَّبُوا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَمَا عَايَنُوا مِنْ قُدْرَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَاتَّبَعُوا مَا زَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مِنْ الباطل، {وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ} [القمر: ٣] قَالَ الْكَلْبِيُّ: لِكُلِّ أَمْرٍ حَقِيقَةٌ، مَا كَانَ مِنْهُ فِي الدُّنْيَا فَسَيَظْهَرُ وَمَا كَانَ مِنْهُ فِي الْآخِرَةِ فَسَيُعْرَفُ.

وَقَالَ قَتَادَةُ: كُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ فَالْخَيْرُ مُسْتَقِرُّ بِأَهْلِ الْخَيْرِ، وَالشَّرُّ مُسْتَقِرٌّ بِأَهْلِ الشَّرِّ.

وَقِيلَ كُلُّ أَمْرٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ شَرٍّ مُسْتَقِرٌّ قَرَارُهُ، فَالْخَيْرُ مُسْتَقِرٌّ بِأَهْلِهِ فِي الْجَنَّةِ، وَالشَّرُّ مُسْتَقِرٌّ بِأَهْلِهِ فِي النَّارِ.

وَقِيلَ: يَسْتَقِرُّ قَوْلُ الْمُصَدِّقِينَ وَالْمُكَذِّبِينَ حَتَّى يَعْرِفُوا حَقِيقَتَهُ بِالثَّوَابِ وَالْعِقَابِ.

وَقَالَ مُقَاتِلٌ: لِكُلِّ حَدِيثٍ مُنْتَهَى.

وَقِيلَ: كل ما قدر كائن وواقع لا محالة.

[٤] {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ} [القمر: ٤] يَعْنِي أَهَّلَ مَكَّةَ، {مِنَ الْأَنْبَاءِ} [القمر: ٤] من أَخْبَارِ الْأُمَمِ الْمُكَذِّبَةِ فِي الْقُرْآنِ، {مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ} [القمر: ٤] مَصْدَرٌ بِمَعْنَى الِازْدِجَارِ، أَيْ نَهْيٌ وَعِظَةٌ، يُقَالُ زَجَرْتُهُ وَازْدَجَرْتُهُ إِذَا نَهَيْتُهُ عَنِ السُّوءِ، وَأَصْلُهُ مُزْتَجَرٌ، قُلِبَتِ التَّاءُ دَالًا.

[٥] {حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ} [القمر: ٥] يَعْنِي: الْقُرْآنُ حِكْمَةٌ تَامَّةٌ قَدْ بلغت الغاية في الزجر، {فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ} [القمر: ٥] يجوز


(١) أخرجه البخاري في مناقب الأنصار ٧ / ١٨٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>