للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَالَ عَزَّ وَجَلَّ: {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ} [الأنعام: ١٣٠] وكان الرُّسُلُ مِنَ الْإِنْسِ دُونَ الْجِنِّ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: يَخْرُجُ مِنْ مَاءِ السَّمَاءِ وَمَاءِ الْبَحْرِ.

قَالَ ابْنُ جُرَيْجٍ: إِذَا أَمْطَرْتِ السَّمَاءُ فَتَحَتِ الْأَصْدَافُ أَفْوَاهَهَا فَحَيْثُمَا وَقَعَتْ قَطْرَةٌ كَانَتْ لُؤْلُؤَةً، وَاللُّؤْلُؤَةُ مَا عَظُمَ من الدر، والمرجان صغارها.

[٢٣، ٢٤] {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ - وَلَهُ الْجَوَارِ} [الرحمن: ٢٣ - ٢٤] السفن الكبار، {الْمُنْشَآتُ} [الرحمن: ٢٤] وقرأ حمزة وأبو بكر: (المنشآت) بكسر الشين، أي المنشآت السير يَعْنِي اللَّاتِي ابْتَدَأْنَ وَأَنْشَأْنَ السَّيْرَ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ بِفَتْحِ الشِّينِ أَيْ الْمَرْفُوعَاتُ وَهِيَ الَّتِي رُفِعَ خَشَبُهَا بَعْضُهَا عَلَى بَعْضٍ.

وَقِيلَ: هِيَ مَا رُفِعَ قَلْعُهُ مِنَ السُّفُنِ، وَأَمَّا مَا لَمْ يُرْفَعْ قَلْعُهُ فليس من المنشآت.

وَقِيلَ: الْمَخْلُوقَاتُ الْمُسَخَّرَاتُ، {فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ} [الرحمن: ٢٤] كَالْجِبَالِ جَمْعُ عَلَمٍ وَهُوَ الْجَبَلُ الطَّوِيلُ شَبَّهَ السُّفُنَ فِي الْبَحْرِ بِالْجِبَالِ فِي الْبَرِّ.

[٢٥] {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} [الرحمن: ٢٥]

[٢٦] {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا} [الرحمن: ٢٦] أَيْ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ حَيَوَانٍ فإنه، {فَانٍ} [الرحمن: ٢٦] هالك.

[٢٧] {وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} [الرحمن: ٢٧] أَيْ مُكْرِمُ أَنْبِيَائِهِ وَأَوْلِيَائِهِ بِلُطْفِهِ مَعَ جَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ. ٢٨،

[٢٩] {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ - يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [الرحمن: ٢٨ - ٢٩] مِنْ مَلَكٍ وَإِنْسٍ وَجِنٍّ.

وَقَالَ قتادة: معناه لَا يَسْتَغْنِي عَنْهُ أَهْلُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: فَأَهْلُ السَّمَاوَاتِ يَسْأَلُونَهُ الْمَغْفِرَةَ وَأَهْلُ الْأَرْضِ يسألونه الرزق وَالتَّوْبَةَ وَالْمَغْفِرَةَ.

وَقَالَ مُقَاتِلٌ: يُسْأَلُهُ أَهْلُ الْأَرْضِ الرِّزْقَ وَالْمَغْفِرَةَ، وَتَسْأَلُهُ الْمَلَائِكَةُ أَيْضًا لَهُمُ الرِّزْقَ وَالْمَغْفِرَةَ.

{كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ} [الرحمن: ٢٩] قَالَ مُقَاتِلٌ: نَزَلَتْ فِي الْيَهُودِ حِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يَقْضِي يَوْمَ السَّبْتَ شَيْئًا.

قَالَ المفسرون: من شأنه أن يحصي وَيُمِيتَ وَيَرْزُقَ، وَيُعِزَّ قَوْمًا وَيُذِلَّ قَوْمًا وَيَشْفِيَ مَرِيضًا وَيَفُكَّ عَانِيًا وَيُفَرِّجَ مَكْرُوبًا وَيُجِيبَ دَاعِيًا وَيُعْطِيَ سَائِلًا وَيَغْفِرَ ذَنْبًا إِلَى مَا لَا يُحْصَى مِنْ أَفْعَالِهِ وَأَحْدَاثِهِ في خلقه ما يشاء. ٣٠،

[٣١] {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ - سَنَفْرُغُ لَكُمْ} [الرحمن: ٣٠ - ٣١] وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى لِلْخَلْقِ بِالْمُحَاسَبَةِ، كَقَوْلِ الْقَائِلِ لَأَتَفَرَّغَنَّ لَكَ، وَمَا بِهِ شُغْلٌ، وَهَذَا قَوْلُ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ، وَإِنَّمَا حَسُنَ هَذَا الْفَرَاغُ لِسَبْقِ ذِكْرِ الشَّأْنِ.

وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَاهُ سَنَقْصِدُكُمْ بَعْدَ التَّرْكَ وَالْإِمْهَالِ وَنَأْخُذُ فِي أَمْرِكُمْ، كقول القائل الذي لا شغل له: قد تفرغت لك.

وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِنَّ اللَّهَ وَعَدَ أَهْلَ التَّقْوَى وَأَوْعَدَ أَهْلَ الْفُجُورِ، ثُمَّ قَالَ: سَنَفْرُغُ لَكُمْ مِمَّا وَعَدْنَاكُمْ، وَأَخْبَرَنَاكُمْ فَنُحَاسِبُكُمْ وَنُجَازِيكُمْ وَنُنْجِزُ لكم ما وَعَدْنَاكُمْ، وَأَخْبَرَنَاكُمْ فَنُحَاسِبُكُمْ وَنُجَازِيكُمْ وَنُنْجِزُ لكم ما وعدناكم، فنتم ذلك ونفرغ مِنْهُ، وَإِلَى هَذَا ذَهَبَ الْحَسَنُ ومقاتل.

{أَيُّهَ الثَّقَلانِ} [الرحمن: ٣١] أَيِ الْجِنُّ وَالْإِنْسُ، سُمِّيَا ثَقَلَيْنِ

<<  <  ج: ص:  >  >>