للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأصله من الدَّمُ، وَمِنْهُ قِيلَ لِلْحَائِضِ طَامِثٌ، كأنه قال لم يدمهن بِالْجِمَاعِ، {إِنْسٌ قَبْلَهُمْ وَلَا جَانٌّ} [الرحمن: ٥٦] قال مقاتل: لأنهن خلقهن فِي الْجَنَّةِ.

فَعَلَى قَوْلِهِ هَؤُلَاءِ مِنْ حُورِ الْجَنَّةِ.

وَقَالَ الشَّعْبِيُّ: هُنَّ مِنْ نِسَاءِ الدُّنْيَا لَمْ يمسسن مند أنشئن، وهو قول الكلبي: يعني لما يُجَامِعْهُنَّ فِي هَذَا الْخَلْقِ الَّذِي أُنْشِئْنَ فِيهِ إِنْسٌ وَلَا جَانٌّ.

[٥٧ - ٥٨] {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ - كَأَنَّهُنَّ الْيَاقُوتُ وَالْمَرْجَانُ} [الرحمن: ٥٧ - ٥٨] قَالَ قَتَادَةُ: صَفَاءُ الْيَاقُوتِ فِي بياض المرجان.

[٥٩ - ٦٠] {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ - هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: ٥٩ - ٦٠] أَيْ مَا جَزَاءُ مَنْ أَحْسَنَ فِي الدُّنْيَا إِلَّا أَنْ يُحْسَنَ إِلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ.

وَقَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هَلْ جَزَاءُ مَنْ قَالَ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَعَمِلَ بِمَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا الْجَنَّةُ.

[٦١ - ٦٢] {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ - وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ} [الرحمن: ٦١ - ٦٢] أَيْ مِنْ دُونِ الْجَنَّتَيْنِ الْأُولَيَيْنِ جَنَّتَانِ أُخْرَيَانِ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنْ دُونِهِمَا فِي الدَّرَجِ.

وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ: مِنْ دُونِهِمَا فِي الْفَضْلِ.

وَقَالَ أَبُو مُوسَى الْأَشْعَرِيُّ: جَنَّتَانِ مِنْ ذَهَبٍ لِلسَّابِقِينَ وَجَنَّتَانِ مِنْ فِضَّةٍ لِلتَّابِعِينَ.

وَقَالَ ابْنُ جريج: هن أربع جنان لِلْمُقَرَّبِينَ السَّابِقِينَ فِيهِمَا مِنْ كُلِّ فَاكِهَةٍ زَوْجَانِ، وَجَنَّتَانِ لِأَصْحَابِ الْيَمِينِ والتابعين فيها فاكهة ونخل ورمان.

وقال الكسائي: {وَمِنْ دُونِهِمَا} [الرحمن: ٦٢] أَيْ أَمَامَهُمَا وَقَبْلَهُمَا، يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُ الضَّحَّاكِ: الْجَنَّتَانِ الْأُولَيَانِ مِنْ ذهب وفضة والأخريان من يا قوت.

[٦٣ - ٦٤] {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ - مُدْهَامَّتَانِ} [الرحمن: ٦٣ - ٦٤] نَاعِمَتَانِ سَوْدَاوَانِ مِنْ رَيِّهِمَا وَشِدَّةِ خُضْرَتِهِمَا، لِأَنَّ الْخُضْرَةَ إِذَا اشْتَدَّتْ ضَرَبَتْ إِلَى السَّوَادِ، يُقَالُ: ادهامَّ الزرعُ إِذَا عَلَاهُ السَّوَادُ رَيًّا ادْهِيمَامًا فَهُوَ مُدْهَامٌّ.

[٦٥ - ٦٦] {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ - فِيهِمَا عَيْنَانِ نَضَّاخَتَانِ} [الرحمن: ٦٥ - ٦٦] فَوَّارَتَانِ بِالْمَاءِ لَا تَنْقَطِعَانِ، وَالنَّضْخُ فوران الماء من العين.

[قوله تَعَالَى فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ. . .]

[٦٧ - ٦٨] {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ - فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} [الرحمن: ٦٧ - ٦٨] قَالَ بَعْضُهُمْ: لَيْسَ النَّخْلُ وَالرُّمَّانُ مِنَ الْفَاكِهَةِ، وَالْعَامَّةُ عَلَى أَنَّهَا مِنَ الْفَاكِهَةِ، وَإِنَّمَا أَعَادَ ذِكْرَ النَّخْلِ وَالرُّمَّانِ وَهُمَا مِنْ جُمْلَةِ الفواكه للتخصيص والتفصيل.

[٦٩ - ٧٠] {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ - فِيهِنَّ} [الرحمن: ٦٩ - ٧٠] يَعْنِي فِي الْجَنَّاتِ الْأَرْبَعِ، {خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} [الرحمن: ٧٠] رَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ: «قُلْتُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَخْبِرْنِي عَنْ قَوْلِهِ: {خَيْرَاتٌ حِسَانٌ} [الرحمن: ٧٠] قَالَ: "خَيْرَاتُ الْأَخْلَاقِ حِسَانُ الْوُجُوهِ» (١) .


(١) رواه الإمام الطبري في تفسيره، بإسناده مرفوعا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وسلم، ج ٢٧ / ٩٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>