للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَبَيَّنَ أَنَّ أَحَدًا لَا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ إِلَّا بِفَضْلِ اللَّهِ.

[٢٢] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {مَا أَصَابَ مِنْ مُصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ} [الحديد: ٢٢] يَعْنِي قَحْطَ الْمَطَرِ وَقِلَّةَ النَّبَاتِ وَنَقْصَ الثِّمَارِ، {وَلَا فِي أَنْفُسِكُمْ} [الحديد: ٢٢] يَعْنِي الْأَمْرَاضَ وَفَقْدَ الْأَوْلَادِ، {إِلَّا فِي كِتَابٍ} [الحديد: ٢٢] يَعْنِي اللَّوْحَ الْمَحْفُوظَ، {مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَهَا} [الحديد: ٢٢] مِنْ قَبْلِ أَنْ نَخْلُقَ الْأَرْضَ وَالْأَنْفُسَ.

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَأَ الْمُصِيبَةَ.

وَقَالَ أَبُو الْعَالِيَةِ: يَعْنِي النَّسَمَةَ، {إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ} [الحديد: ٢٢] أَيْ إِثْبَاتَ ذَلِكَ عَلَى كَثْرَتِهِ هَيِّنٌ عَلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ.

[٢٣] {لِكَيْلَا تَأْسَوْا} [الحديد: ٢٣] تحزنوا، {عَلَى مَا فَاتَكُمْ} [الحديد: ٢٣] مِنَ الدُّنْيَا، {وَلَا تَفْرَحُوا بِمَا آتَاكُمْ} [الحديد: ٢٣] قَرَأَ أَبُو عَمْرٍو بِقَصْرِ الْأَلْفِ لقوله {فَاتَكُمْ} [الحديد: ٢٣] فَجَعَلَ الْفِعْلَ لَهُ، وَقَرَأَ الْآخَرُونَ (آتَاكُمْ) بِمَدِّ الْأَلِفِ، أَيْ: أَعْطَاكُمْ.

{وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ} [الحديد: ٢٣] مُتَكَبِّرٍ بِمَا أُوتِيَ مِنَ الدُّنْيَا، {فَخُورٍ} [الحديد: ٢٣] يفخر به على الناس.

[٢٤] {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ} [الحديد: ٢٤] قِيلَ: هُوَ فِي مَحَلِّ الْخَفْضِ عَلَى نَعْتِ الْمُخْتَالِ.

وَقِيلَ: هُوَ رَفْعٌ بِالِابْتِدَاءِ وَخَبَرُهُ فِيمَا بَعْدَهُ.

{وَيَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ وَمَنْ يَتَوَلَّ} [الحديد: ٢٤] أَيْ يُعْرِضْ عَنِ الْإِيمَانِ {فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ} [الحديد: ٢٤]

[قوله تعالى لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا] مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ. . .

[٢٥] قَوْلُهُ عَزَّ وَجَلَّ: {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ} [الحديد: ٢٥] بِالْآيَاتِ وَالْحُجَجِ، {وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ} [الحديد: ٢٥] يَعْنِي الْعَدْلَ.

وَقَالَ مُقَاتِلُ بْنُ سُلَيْمَانَ: هُوَ مَا يُوزَنُ بِهِ أَيْ وَوَضَعْنَا الْمِيزَانَ كَمَا قَالَ: {وَالسَّمَاءَ رَفَعَهَا} [الرحمن: ٧] بأن وضع الميزان {لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} [الحديد: ٢٥] لِيَتَعَامَلُوا بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ، {وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ} [الحديد: ٢٥] قال أَهْلُ الْمَعَانِي مَعْنَى قَوْلِهِ: (أَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ) ، أَنْشَأْنَا وَأَحْدَثْنَا، أَيْ أَخْرَجَ لَهُمُ الْحَدِيدَ مِنَ الْمَعَادِنِ وَعَلَّمَهُمْ صَنَعْتَهُ بِوَحْيهِ.

وَقَالَ قُطْرُبٌ: هَذَا مِنَ النَّزْلِ كَمَا يُقَالُ أَنْزَلَ الْأَمِيرُ عَلَى فُلَانٍ نَزْلًا حَسَنًا فَمَعْنَى الْآيَةِ أَنَّهُ جَعَلَ ذَلِكَ نَزْلًا لَهُمْ.

وَمِثْلُهُ قَوْلُهُ: {وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ} [الزمر: ٦]

{فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ} [الحديد: ٢٥] قُوَّةٌ شَدِيدَةٌ يَعْنِي السِّلَاحَ لِلْحَرْبِ.

قَالَ مُجَاهِدٌ: فِيهِ جُنَّةٌ وَسِلَاحٌ يَعْنِي آلَةُ الدَّفْعِ وَآلَةُ الضَّرْبِ {وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ} [الحديد: ٢٥] مِمَّا يَنْتَفِعُونَ بِهِ فِي مَصَالِحِهِمْ كَالسِّكِّينِ وَالْفَأْسِ وَالْإِبْرَةِ وَنَحْوِهَا إِذْ هُوَ آلَةٌ لِكُلِّ صَنْعَةٍ، {وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ} [الحديد: ٢٥] أَيْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لِيَتَعَامَلَ النَّاسُ بِالْحَقِّ وَالْعَدْلِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ وَلِيَرَى اللَّهُ، {مَنْ يَنْصُرُهُ} [الحديد: ٢٥] أي دينه، {وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ} [الحديد: ٢٥] أي قام بنصرة الدين لم يَرَ اللَّهَ وَلَا الْآخِرَةَ وَإِنَّمَا يُحْمَدُ وَيُثَابُ مَنْ أَطَاعَ اللَّهَ بِالْغَيْبِ.

{إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ} [الحديد: ٢٥] قَوِيٌّ فِي أَمْرِهِ عَزِيزٌ فِي مُلْكِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>