للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نِيَاطَ الْقَلْبِ، وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ الْمُفَسِّرِينَ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ: الْحَبْلُ الَّذِي فِي الظَّهْرِ. وَقِيلَ: هُوَ عِرْقٌ يَجْرِي فِي الظَّهْرِ حَتَّى يَتَّصِلَ بِالْقَلْبِ، فَإِذَا انْقَطَعَ مَاتَ صَاحِبُهُ.

[٤٧] {فَمَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حَاجِزِينَ} [الحاقة: ٤٧] مَانِعِينَ يَحْجِزُونَنَا عَنْ عُقُوبَتِهِ، وَالْمَعْنَى: أَنْ مُحَمَّدًا لَا يَتَكَلَّفُ الْكَذِبَ لِأَجْلِكُمْ، مَعَ عِلْمِهِ بِأَنَّهُ لَوْ تكلمه لَعَاقَبْنَاهُ، وَلَا يَقْدِرُ أَحَدٌ عَلَى دَفْعِ عُقُوبَتِنَا عَنْهُ، وَإِنَّمَا قَالَ: {حَاجِزِينَ} [الحاقة: ٤٧] بِالْجَمْعِ وَهُوَ فِعْلٌ وَاحِدٌ ردًا عَلَى مَعْنَاهُ كَقَوْلِهِ: {لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ} [الْبَقَرَةِ: ٢٨٥]

[٤٨] {وَإِنَّهُ} [الحاقة: ٤٨] يعني القرآن، {لَتَذْكِرَةٌ لِلْمُتَّقِينَ} [الحاقة: ٤٨] أَيْ لَعِظَةٌ لِمَنِ اتَّقَى عِقَابَ اللَّهِ. ٤٩,

[٥٠] {وَإِنَّا لَنَعْلَمُ أَنَّ مِنْكُمْ مُكَذِّبِينَ - وَإِنَّهُ لَحَسْرَةٌ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الحاقة: ٤٩ - ٥٠] يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَنْدَمُونَ عَلَى تَرْكِ الْإِيمَانِ بِهِ.

[٥١] {وَإِنَّهُ لَحَقُّ الْيَقِينِ} [الحاقة: ٥١] أَضَافَهُ إِلَى نَفْسِهِ لِاخْتِلَافِ اللَّفْظَيْنِ.

[٥٢] {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ} [الحاقة: ٥٢]

[سورة المعارج]

[قوله تعالى سَأَلَ سَائِلٌ بعذاب واقع. . .]

(٧٠) سورة المعارج [١] {سَأَلَ سَائِلٌ} [المعارج: ١] قَرَأَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَالشَّامِ (سَالَ) بِغَيْرِ هَمْزٍ وَقَرَأَ الْآخَرُونَ: بِالْهَمْزِ، فَمَنْ هَمَزَ فَهُوَ مِنَ السُّؤَالِ، وَمَنْ قَرَأَ بِغَيْرِ هَمْزٍ قِيلَ: هُوَ لُغَةٌ فِي السُّؤَالِ، يُقَالُ: سَالَ يَسَالُ مَثَلُ خَافَ يَخَافُ، وقيل: هو من السيل، وسال وَادٍ مِنْ أَوْدِيَةِ جَهَنَّمَ، يُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ. وَاخْتَلَفُوا فِي الْبَاءِ فِي قَوْلِهِ: {بِعَذَابٍ} [المعارج: ١] قِيلَ: هِيَ بِمَعْنَى (عَنْ) كَقَوْلِهِ: {فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا} [الْفُرْقَانِ: ٥٩] أَيْ عَنْهُ خَبِيرًا، وَمَعْنَى الْآيَةِ سَأَلَ سائل عن عذاب، {وَاقِعٍ} [المعارج: ١] نَازِلٍ كَائِنٍ عَلَى مَنْ يُنَزَّلْ، وَلِمَنْ ذَلِكَ الْعَذَابُ.

[٢] فَقَالَ اللَّهُ مُبِينًا مُجِيبًا لِذَلِكَ السَّائِلِ: {لِلْكَافِرينَ} [المعارج: ٢] وَذَلِكَ أَنَّ أَهْلَ مَكَّةَ لَمَّا خَوَّفَهُمُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْعَذَابِ قَالَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: من أهل الْعَذَابِ؟ وَلِمَنْ هُوَ؟ سَلُوا عَنْهُ مُحَمَّدًا فَسَأَلُوهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {سَأَلَ سَائِلٌ بِعَذَابٍ وَاقِعٍ - لِلْكَافِرينَ} [المعارج: ١ - ٢] أَيْ هُوَ لِلْكَافِرِينَ، هَذَا قَوْلُ الحسن وقتادة. وقيل: التاء صِلَةٌ وَمَعْنَى الْآيَةِ: دَعَا دَاعٍ وَسَأَلَ سَائِلٌ عَذَابًا وَاقِعًا لِلْكَافِرِينَ أَيْ عَلَى الْكَافِرِينَ، اللَّامُ بِمَعْنَى عَلَى، وَهُوَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ حَيْثُ دَعَا عَلَى نَفْسِهِ وَسَأَلَ الْعَذَابَ، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ، الآية، فَنَزَلَ بِهِ مَا سَأَلَ يَوْمَ بَدْرٍ فَقُتِلَ صَبْرًا. وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ. {لَيْسَ لَهُ دَافِعٌ} [المعارج: ٢]

[٣] {مِنَ اللَّهِ} [المعارج: ٣] أي بعذاب من الله، {ذِي الْمَعَارِجِ} [الْمَعَارِجِ: ٣] قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: أَيْ ذِي السَّمَاوَاتِ، سَمَّاهَا مَعَارِجَ لِأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَعْرُجُ فِيهَا. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ: ذِي الدَّرَجَاتِ. وَقَالَ قَتَادَةُ: ذِي الْفَوَاضِلِ وَالنِّعَمِ، وَمَعَارِجُ الملائكة.

<<  <  ج: ص:  >  >>