للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَأَسْمَعَهُ وَالِدُهُ فِي صِبَاهُ مِنْ أَبِي غَالِبِ بنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي مَنْصُوْرٍ القَزَّازِ، وَأَبِي الفَضْلِ الأُرْمَوِيِّ، وَأَبِي الحَسَنِ بنِ صِرْمَا، وَسَعِيْدِ بنِ البَنَّاءِ، وَأَبِي الوَقْتِ وَغَيْرِهِمْ، وَقَرَأَ الفِقْهَ علَى وَالِدِهِ حَتَّى بَرَعَ فِيْهِ، وَدَرَّسَ نِيَابَةً عَنْ وَالِدِهِ بِمَدْرَسَتِهِ، وَهُوَ حَيٌّ، وَقَدْ نَيَّفَ عَلَى العِشْرِيْنَ مِنْ عُمُرِهِ، ثُمَّ استَقَلَّ بِالتَّدْرِيسِ بِهَا بَعْدَهُ، ثُمَّ نُزِعَتْ مِنْهُ لابْنِ الجَوْزِيِّ؛ لأَجْلِ عَبْدِ السَّلَامِ بنِ عَبْدِ الوَهَّابِ (١) ثُمَّ رُدَّتْ إِلَيْهِ بَعْدَ قَبْضِ ابْنِ يُونُسَ.

قَالَ ابنُ القَادِسِيِّ: كَانَ فَقِيْهًا مُجَوِّدًا، زَاهِدًا وَاعِظًا، وَلَهُ قَبُوْلٌ حَسَنٌ، وَتوَلَّى المَظَالِمَ للنَّاصِرِ سَنَةَ ثَلَاثٍ وثَمَانِينَ، وَكَانَ كَيِّسًا، ظَرِيْفًا مِنْ ظُرَفَاءِ أَهْلِ "بَغْدَادَ" مُتَمَاجِنًا (٢) وَلَمْ يَكُنْ فِي أَوْلَادِ أَبِيْهِ أَفْقَهَ مِنْه، كَانَ فَقِيْهًا فَاضِلًا، حَسَنَ الكَلَامِ فِي مَسَائِلِ الخِلَافِ، لَهُ لِسَانٌ فَصِيْحٌ فِي الوَعْظِ، وَإِيْرَادٌ مَلِيْحٌ، مَعَ عُذُوْبَةِ أَلْفَاظٍ، وَحِدَّةِ خَاطِرِ، وَكَانَ ظَرِيْفًا، لَطِيفًا، مَلِيْحَ النَّادِرَةِ، ذَا مَزْحٍ، وَدُعَابَةٍ، وَكَيَاسَةٍ، وَكَانَتْ لَهُ مُرُوْءَةٌ، وَسَخَاوَةٌ، وَجَعَلَهُ الخَلِيْفَةُ النَّاصِرُ عَلَى المَظَالِمِ، وَكَانَ يُوْصِلُ إِلَيْهِ حَوَائِجَ النَّاسِ، ذَكَرَ ذلِكَ ابْنُ النَّجَّارِ، وَذَكَرَ غَيْرُهُ: أَنَّهُ يُرْسَلُ بِهِ مِنَ الدِّيْوَانِ إِلَى "الشَّامِ"، وَأَنَّ الخَلِيْفَةَ النَّاصِرُ بَنَى "رِبَاطَ الخِلَاطِيَّةِ" لَهُ، وَكَانَ لَهُ القَبُوْلُ التَّامُّ عِنْدَ العَامَّةِ أَيْضًا. قَالَ نَاصِحُ الدِّينِ بنُ الحَنْبَلِيِّ: قَالَ الشَّيْخُ طَلْحَةُ - يَعْنِي العَلْثِيَّ - قَلَمُهُ


(١) ينْظَرُ اتِّهَامُ عَبْدِ السَّلَامِ بِالزَّنْدَقَةِ، وَخِلَافُهُ مَعَ ابْنِ الجَوْزِيِّ، وَالوَزِيْرِ ابْنِ يُونُسَ فِي ترْجَمَةِ ابن الجَوْزِيِّ (ت: ٥٩٧ هـ) وَتَرْجَمَةِ عَبْدِ السَّلَامِ (ت: ٦١١ هـ) الآتِيَتَيْنِ.
(٢) قالَ أَبُو شَامَةَ: "وَكانَتْ مَجَالِسُ وَعْظهِ تَمْضِي فِي الهَزَلِ وَالمُجُونِ".