للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قالَ (١): وَفِي جُمَادَى الآخِرَةِ، عَبَرْتُ إِلَى جَامِعِ المَنْصُوْرِ فَوَعَظْتُ فِيْهِ بَعْدَ العَصْرِ، وَاجْتَمَعَ النَّاسُ، فَحُرِزَ الجَمْعُ مَائَةَ أَلْفٍ، وَرَجَعْنَا إِلَى "نَهْرِ مُعَلَّى" وَالنَّاسُ مُمْتَدُّونَ مِنْ "بَابِ البَصْرَةِ" -كَالشِّرَاكِ- إِلَى الجِسْرِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُوْدًا، ثُمَّ ذَكَرَ مَجَالِسَهُ فِي هَذِهِ السَّنَةِ، قَرِيْبًا مِمَّا تَقَدَّمَ بِـ"بَابِ بَدْرٍ".

قَالَ: وَكَانَ يَوْمُ المَجْلِسِ تُغْلقُ أَبْوَابُ المَكَانِ بَعْدَ الظُّهْرِ لِشِدَّةِ الزِّحَامِ، فَإِذَا جِئْتُ بَعْدَ العَصْرِ فُتِحَ لِي، وَزَاحَمَ مَعِي مَنْ يُمْكِنُهُ أَنْ يُزَاحِمَ.

قَالَ (٢): وَفِي رَمَضَانَ تُقُدِّمَ إِلَيَّ بِالجُلُوسِ فِي دَارِ ظَهِيْرِ الدِّيْنِ صَاحِبِ المَخْزَنِ، وَحَضَرَ أَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ، وَأُذِنَ لِلْعَوَامِّ فِي الدُّخُولِ، وَتَكَلَّمْتُ فَأَعْجَبَهُمْ، حَتَّى قَالَ ظَهِيْرُ الدِّينِ: قَدْ قَالَ أَمِيرُ المُؤْمِنينَ: مَا كَأنَّ هَذَا الرَّجُلُ آدَمِيٌّ؛ لِمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنَ الكَلَامِ، وَذَكَرَ مَجَالِسَهُ سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَسَنَةَ أَرْبَعٍ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ.

قَالَ (٣): وَتَكَلَّمْتُ يَوْمَ عَاشُوْرَاءَ، سَنَةَ أَرْبَعٍ تَحْتَ مَنْظَرَةٍ "بَابِ بَدْرٍ" وَأَمِيْرُ المُؤْمِنِيْنَ حَاضِرٌ، فَقُلْتُ: لَوْ أنَي مَثُلْتُ بَيْنَ يَدَيْ السُّدَّةِ (٤) الشَّرِيْفَةِ لَقُلْتُ: يَا أَمِيْرَ المُؤْمِنِيْنَ، كُنْ للهِ سُبْحَانَهُ مَعَ حَاجَتِكَ إِلَيْهِ، كَمَا كَانَ لَكَ مَعَ غِنَاهُ عَنْكَ، إِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ أحَدًا فَوْقَكَ، فَلَا تَرْضَى أَنْ يَكُوْنَ أَحَدٌ أَشْكَرَ لَهُ


(١) المُنتظَمُ (١٠/ ٢٦٣) وفيه: "وَفِي يَوْمِ السَّبْتِ غُرَّة جُمَادَى الآخِرَةِ … ".
(٢) المُنْتَظَمُ (١٠/ ٢٦٥) وفيه: "وَفِي يَوْمِ الاثْنَيْنِ حَادِي عَشَرَ رَمَضَانَ … ".
(٣) المُنتظَمُ (١٠/ ٢٨٣).
(٤) السُّدَّةُ: مَدْخَلُ البَابِ، أَوْ عَتَبَةُ البَابِ، وَمِنْهُ القَوْلُ المَشْهُوْرُ: "مَنْ يَغْشَ سُدَدَ السُّلْطَانِ يَقُمْ وَيَقْعُدْ". وَإِلَيْهَا يُنْسَبُ السُّدِّيُّ المَشْهُوْرُ.