للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

دَوِيٌّ كَدَوِيِّ النَّحْلِ، وَلَوْلَا المُبَارِزُ المُعْتَمِدُ، وَالشُّجَاعُ بْنُ مُحَارِبٍ، وَشِبْلُ الدَّوْلَةِ الحُسَامِيُّ مَا وَصَلَ إِلَى قَبْرِهِ مِنْ كَفَنِهِ شَيْءٌ، وَإِنَّمَا أَحَاطُوا بِهِ بِالسُّيُّوْفِ وَالدَّبَابِيْسِ، وَكَانَ قَبْلَ وَفَاتِهِ بِلَيْلَةٍ رَأَى إِنْسَانٌ كَأَنَّ "قَاسِيُوْنَ" قَدْ وَقَعَ أَوْ زَالَ مِنْ مَكَانِهِ فَأَوَّلُوْهُ بِمَوْتِهِ، وَلَمَّا دُفِنَ رَأَى بَعْضُ الصَّالِحِيْنَ فِي مَنَامِهِ تِلْكَ اللَّيْلَةِ النَّبِيَّ - صلى الله عليه وسلم - وَهُوَ يَقُوْلُ: مَنْ رَأَى أَبَا عُمَرَ لَيْلَةَ الجُمُعَةِ فَكَأَنَّمَا رَأَى الكَعْبَةَ، فَاخْلَعُوا نِعَالَكُمْ قَبْلَ أَنْ تَصِلُوا إِلَيْهِ، وَمَاتَ عَنْ ثَمَانِيْنَ سَنَةٍ، وَلَمْ يُخَلِّفْ دِيْنَارًا وَلَا دِرْهَمًا، وَلَا قَلِيْلًا، وَلَا كَثِيْرًا، وَقالَ غَيْرُهُ: حُرِزَ مَنْ حَضَرَ جَنَازَتَهُ، فَكَانُوا عِشْرِيْنَ أَلْفًا.

وَذَكَرَ الضِّيَاءُ عَنْ عَبْدِ المَوْلَى بْنِ مُحَمَّدٍ: أَنَّهُ كَانَ يَقْرَأُ عِنْدَ قَبْرِ الشَّيْخِ سُوْرَةَ "البَقَرَةِ"، وَكَانَ وَحْدَهُ، فَبَلَغَ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى (١): {لَا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ} قَالَ: فَغَلِطْتُ، فَرَدَّ علَيَّ الشَّيْخُ مِنَ القَبْرِ؟! قَالَ: فَخِفْتُ وَفَزِعْتُ وَارْتَعَدْتُ وَقُمْتُ، ثُمَّ مَاتَ القَارِئُ بَعْدَ ذلِكَ بِأَيَّامٍ، وَهَذِهِ الحِكَايَةُ مَشْهُورَةٌ (٢)، قَالَ أَبُو شَامَةَ فِي "مُذَيَّلِهِ": أَوَّلُ مَا وَقَفْتُ علَى قَبْرِهِ وَزُرْتُهُ وَجَدْتُ - بِتَوْفِيْقِ اللهِ تَعَالَى عَزَّ وَجَلَّ - رِقَّةً عَظِيْمَةً، وَبُكَاءً صَالِحًا، وَكَانَ مَعِي رَفِيْقٌ لِي، وَهُوَ الَّذِي عَرَّفَنِي قَبْرَهُ، وَجَدَ أَيْضًا مِثْلَ ذلِكَ، قَالَ: وَأَخْبَرَنِي بَعْضُ أَصْحَابِنَا الثِّقَاتِ: أَنَّهُ رَأَى الإِمَامَ الشَّافِعِيِّ - رَحِمَهُ اللهُ - فِي المَنَامِ، فَسَأَلَهُ إِلَى أَيْنَ تَمْضِي؟ فَقَالَ: أَزُوْرُ أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ، فَأَتْبَعْتُهُ أَنْظُرُ مَا يَصْنَعُ،


(١) سُورَة البَقَرة، الآية: ٦٨.
(٢) قَالَ أَصْدَقُ القَائِلِيْنَ: {وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٢٢)}.