للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَوَلِيَ عِدَّةَ وَلَايَاتٍ، وَكَانَ أَدِيْبًا، كَيِّسًا، مَطْبُوْعًا عَارِفًا بِالمَنْطِقِ وَالفَلْسَفَةِ وَالتَّنْجِيْمِ، وَغَيْرِ ذلِكَ مِنَ العُلُوْمِ الرَّدِيْئَةِ، وَبِسَبَبِ ذلِكَ نُسِبَ إِلَى عَقِيْدَةِ الأَوَائِلِ حَتَّى قِيْلَ: إِنَّ وَالِدَهُ رَأَى عَلَيْهِ يَوْمًا ثَوْبًا بُخَارِيًّا فَقَالَ: وَاللهِ هَذَا عَجِيْبٌ مَا زِلْنَا نَسْمَعُ البُخَارِي ومُسْلِم، فَأَمَّا البُخَارِي وَكَافِرٌ فَمَا سَمِعْنَاهُ، وَكَانَ أَبُوْهُ كَثيْرَ المُجُوْنِ (١) وَالمُدَاعَبَةِ كَمَا تَقَدَّمَ عَنْهُ. وَكَانَ عَبْدُ السَّلَامِ أَيْضًا (٢) غَيْرَ ضَابِطٍ لِلِسَانِه، وَلَا مَشْكُوْرٍ فِي طَرِيْقَتِهِ وَسِيْرَتِهِ، يُرْمَى بِالفَوَاحِشِ وَالمُنْكَرَاتِ، وَقَدْ جَرَتْ عَلَيْهِ مِحْنَةٌ فِي أَيَّامِ الوَزِيْرِ ابْنِ يُوْنُسَ، وَحُكِمَ بِفِسْقِهِ، وَأُحْرِقَتْ كُتُبُهُ، وَكَانَ سَبَبُ ذلِكَ أَنَّ ابْنَ يُونُسَ كَانَ جَارًا لِأوْلَادِ الشَّيْخِ عَبْدِ القَادِرِ فِي حَالِ فَقْرهِ، فَكَانُوا يُؤْذُوْنَهُ غَايَةَ الأَذَى، فَلَمَّا وَلِيَ ابْنُ يُوْنُسَ وَتَمَكَّنَ شَتَّتَ شَمْلَهُمْ، وَبَعَثَ بِبَعْضِهِمْ إِلَى المَطَامِيْرِ بِـ "وَاسِطَ" وَبَعَثَ فَكبَسَ دَارَ عَبْدِ السَّلَامِ، وَأَخْرَجَ مِنْهَا كُتُبًا مِنْ كُتُبِ الفَلَاسِفَةِ، وَ"رَسَائِلِ إِخْوَانِ الصَّفَا" (٣) وَكُتُبِ السِّحْرِ، وَالنَّارَنْجَةِ، وَعِبَادَةِ النُّجُوْمِ، وَاسْتَدْعَى ابْنُ


= البِرِّ". وَ (بَابُ الأَزَجِ) مِنْ مَحَالِّ الحَنَابِلَةِ بِـ "بَغْدَادَ" وَذَكَرَ المُؤَلِّفُ ابنُ رَجَبٍ أَنَّ مِمَّنْ دَرَّسَ بِهَا القَاضِي أَبُو صَالحٍ نَصْرُ بنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ بنِ عَبْدِ القَادِرِ الجِيْلِيُّ، أَبُو صَالِحٍ الجِيْلِيُّ هَذَا هُوَ ابنُ عَمِّ الرُّكْنِ المُتَرْجَمِ هُنَا، ثُمَّ دَرَّسَ فِيْهَا تَاجُ الدِّيْنِ عَبْدُ الكَرِيْمِ بنُ يُوْسُفَ بنِ عَبْدِ الرَّحْمَن بنِ الجَوْزِيِّ … وَلَعَلَّهَا سُمِّيَتْ الشَّاطِئِيَّةَ؛ لأَنَّهَا عَلَى شَاطِئِ دِجْلَةَ.
(١) المُجُوْنُ هُنَا المِزَاحُ.
(٢) بعدها في (ط) فقط: "لم يفتا".
(٣) يُرَاجَعُ: تَارِيْخُ الحُكَمَاءِ، وَكَشْفُ الظُّنون (١/ ٩٠٢) وَهِيَ مَشْهُوْرَةٌ.