للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

أَرْضَاهُ يَقْرَأُ عَلَيَّ الفَاتِحَةَ، فَبَلَغَ ذلِكَ أَبَا الفَرَجِ، فَقَالَ: مَا أَقْرَأُ عَلَيْهِ الفَاتِحَةَ، بَلْ أَقْرَأُ عَلَيْهِ: {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (١)} قَالَ: وَكَانَ يَتَعَصَّبُ لَهُ حَاكَةُ (١) "قَطُفْتَا" وَكَانَ يَنْتَحِلُ أَشْعَارَ النَّاسِ، ادَّعَى يَوْمًا بَيْتَيْنِ لِنَفْسِهِ، وَأَنْشَدَهُمَا عَلَى المِنْبَرِ، وَهُمَا لأَبِي الفَتْحِ البُسْتِيِّ.

قُلْتُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ إِنْشَادِهِ شِعْرَ غَيْرِهِ أَنَّهُ يَدَّعِيْهِ لِنَفْسِهِ (٢)، وَقَدْ كَانَ مَوْصُوْفًا بِالصَّلَاحِ وَالدِّيَانَةِ. قَالَ ابْنُ نُقْطَةَ: سَمِعْتُ مِنْهُ، وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا مُتَعبِّدًا، قَالَ المُنْذِرِيُّ: حَدَّثَ وَعُمِّرَ، وَعَجِزَ عَنِ الحَرَكَةِ، وَلَزِمَ بَيْتَهُ إِلَى أَنْ مَاتَ، وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ أَوْ خَمْسٍ وَتِسْعِيْنَ سَنَةً، وَكَانَ شَيْخًا صَالِحًا مُتَعَبِّدًا.

وَ"البَلُّ" بِفَتْح البَاءِ المُوَحَّدَةِ، وَتَشْدِيْدِ اللَّامِ.

قلْتُ: وَكَانَ يَحْضُرُ المَجَالِسَ المَعْقُوْدَةِ مَعَ أَكَابِرِ الفُقَهَاءِ، وَيُفتِي مَعَهُمْ، وَهُوَ آخِرُ مَنْ أَفْتَى بِفِسْقِ قَاضِي القُضَاةِ العَبَّاسِيِّ (٣) وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُ فِي تَزْوِيرِ الكِتَابِ الَّذِي أَنْكَرَ شُهُوْدُهُ الشَّهَادَةَ بِهِ عِنْدَ القَاضِي، وَاعْتَرَفَ المُثْبِتُ لَهُ أَنَّهُ مُزَوَّرٌ، وَلَا أَصْلَ لَهُ، وَأَنَّ القَاضِي ارْتَشَى لِأَجْلِ إِثْبَاتِهِ.

وَمِمَنْ أَفْتَى بِفِسْقِ القَاضِي وَذَوِيْهِ فِي ذلِكَ مِنْ أَصْحَابِنَا: ابْنُ الجَوْزِيِّ،


(١) في (ط): "حاكم"، وفي (ب): "خالد" كِلَاهُمَا تَحْرِيْفٌ.
(٢) دِفَاعٌ غَيْرُ جَيِّد وَلَا هُوَ مَقْبُوْلٌ؛ لأنَّ الرَّجُلَ يَقُوْلُ: ادَّعَى لِنَفْسِهِ بَيْتَيْنِ أَنْشَدَهُمَا عَلَى المِنْبَرِ .. " فَلَوْ أَنْشَدَهُمَا دُوْنَ دَعْوَى صَحَّ أَنْ نَقُوْلَ: "لَا يَلْزَمُ مِنْ إِنْشَادِهِ شِعْرَ غَيْرِهِ. . .".
(٣) هوَ القَاضِي مُحَمَّدُ بنُ جَعْفَرٍ العَبَّاسِيُّ.