للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَمُخْتَصَرٌ فِي الفِقْهِ، وَكَانَ مُقَدَّمًا فِي بَلَدِهِ، وَتَوَلَّى الخَطَابَةَ بِهَا، وَدَرَّسَ بِهَا وَوَعَظَ، وَحَدَّثَ بِـ "بَغْدَادَ" "وَحَرَّانَ"، وَلَنَا مِنْهُ إِجَازَةٌ، وَكَانَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ قَدْ وَعَظَ بِـ "بَغْدَادَ" فِي مُدَّةِ اشْتِغَالِهِ بِهَا بِرِبَاطِ ابنِ النَّعَّالِ (١)، ثُمَّ حَجَّ سَنَةَ أَرْبَعٍ وَسِتِّمَائَةَ، وَكَتَبَ مَعَهُ مُظَفَّرُ الدِّيْنِ صَاحِبُ "إِرْبِلَ" كِتَابًا إِلَى الخَلِيْفَةِ النَّاصِرِ بِالوَصِيَّةِ بِهِ، فَلَمَّا رَجَعَ مِنْ "مَكَّةَ" إِلَى "بَغْدَادَ" سَأَلَ الجُلُوْسَ بِـ "بَابِ بَدْرٍ" فَأُجِيْبَ إِلَى ذلِكَ، وَتُقُدِّمَ إِلَى مُحْيِي الدِّيْنِ يُوْسُفَ بْنِ الجَوْزِيِّ بِالحُضُوْرِ، وَكَانَ يَعِظُ بِذلِكَ المَكَانِ مَوْضِعَ أَبِيْهِ، فَحَضَرَ، وَقَعَدَ علَى دَكَّةِ المُحْتَسِبِ بِـ "بَابِ بَدْرٍ" وَحَضَرَ خَلْقٌ كَثِيْرٌ، وَوَعَظَ الشَّيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ، وَأَنْشَدَ فِي أَثْنَاءِ المَجْلِسِ:

وَابْنُ اللَّبُوْنِ إِذَا مَا لَزَّ فِي قَرْنٍ … لَمْ يَسْتَطِعْ صَوْلَةَ البُزْلِ القَنَاعِيْسِ (٢)

وَقَالَ النَّاسُ: مَا قَصَدَ إِلَّا مُحْيِي الدِّيْنِ، لأَنَّهُ كَانَ شَابًّا، وَابْنُ تَيْمِيَّةَ شَيْخٌ. وَلِلْشَيْخِ فَخْرُ الدِّيْنِ تَصَانِيْفٌ كَثِيْرَةٌ، مِنهَا "التَفْسِيْرُ الكَبِيْرُ" فِي مُجَلَّدَاتٍ كَثِيْرَةٍ،


(١) في (ط): "ابنُ النَّقَّال" وَالمُثبتُ هُوَ الصَّحِيْحُ، وَرِبَاطُ مَحْمُوْدٍ النَّعَّالِ بِبَغْدَادَ مَشْهُوْرَةٌ، وَهُوَ دَارٌ من دُوْرِ العِلْمِ، تُراجع تَرْجَمَةِ مَحْمُوْدٍ النَّعَّال (ت: ٦٠٩ هـ) الذي ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ في مَوْضِعِهِ.
(٢) قَائِلُهُ جَرْيْرٌ، وَهُوَ فِي دِيْوَانِهِ (١/ ٢٨)، وَالْبَيْتُ مَشْهُورٌ في كُتُبِ النَّحْوِ وَاللُّغَةِ وَالأَدَبِ يُضْرَبُ بِهِ المَثَلُ في مُطَاوَلَةِ العَاجِزِ الضَّعِيْفِ للقَوِيِّ القَادِرِ، وَمِنْ أَحْسَنَ الظَّنَّ بالشَّيْخِ قَالَ: إِنَّما يَقْصِدُ إنَّه لَنْ يَسْتَطِيْعَ مُضَاهَاةِ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ ابنِ الجَوْزِيِّ شَيْخُ الوُعَّاظِ، وَ"بَابُ بَدْرِ" كَانَ مِنْ مَحَالِّ وَعْظِهِ. كَمَا تَقَدَّمَ فِي تَرْجَمَتِهِ، وَهُوَ مِنْ أَشْرَفِ الأَمَاكِنِ الَّتِي يُوْعَظُ بِهَا بِـ "بَغْدَادَ".