للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

لأَنِّي ذَكَّرْتُهُ بِصَلَاةِ العَصْرِ، وَأَخَذْتُهُ إِلَى صَدْرِي، فَكَبَّرَ وَجَعَلَ يُحَرِّكُ حَاجِبَهُ وَشَفَتَيْهِ بِالصَّلَاةِ حَتَّى شَخَصَ بَصَرُهُ، رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى.

وَقَدْ ذَكَرَ وَلَدُهُ لَهُ مَنَامَاتٌ صَالِحَةٌ رُئِيَتْ لَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ، وَهِيَ كَثيْرَةٌ جِدًّا، جَمَعَهَا فِي "جُزْءٍ". مِنْهَا: أَنَّ رَجُلًا حَدَّثَهُ أَنَّهُ رَأَى وَالِدَهُ الشَيْخُ فَخْرُ الدِّيْنِ جَالِسًا عَلَى تَخْتٍ عَالٍ، وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ جَمِيْلَةٌ، فَقُلْتُ لَهُ: يَا سَيِّدِي مَا هَذَا؟ فَقَرَأَ: (١) {مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ} وَرَآهُ آخِرُ فَقَالَ لَهُ: مَا فَعَلَ اللهُ بِكَ؟ قَالَ: غَفَرَ لِي. وَرَأَى غَيْرُ وَاحِدٍ فِي مَنَامِهِ جَمَاعَةٌ مَعَهُمْ سُيُوْفٌ وَسِلَاحٌ وَرِوَايَاتٌ، فَسَئَلُوا عنْ حَالِهِمْ، فَقَالُوا: السُّلْطَانُ يَرْكَبُ وَنَحْنُ فِي انْتِظَارِهِ، فَقِيْلَ لَهُمْ: مَنِ السُّلْطَانُ؟ قَالُوا: الشَّيخُ الفَخْرُ.

قَالَ: وَحَدَّثَتْنِي ابْنَةُ عَمِّ وَالِدِي - وَكَانَتْ صَالِحَةً - قَالَتْ: رَأَيْتُ بَعدَ مَوْتِ الشَّيْخِ فِي مَنَامِي، كَأَنَّنِي أَسْمَعُ صَوْتَ ضَجَّةٍ مِنَ السَّمَاءِ، فَقُلْتُ لِمَنْ عِنْدِي: مَا هَذَا الصَّوْتُ وَالضَّجَّةُ؟ قَالَ: هَذَا ضَجِيْجُ المَلَائِكَةِ لأَجْلِ انْقِطَاعِ التَّفْسِيْرِ وَتَعَطُلِهِ بِالجَامِعِ بَعْدَ وَفَاةِ الشَّيْخِ، وَرَآهُ رَجُلٌ آخَرُ لَيْلَةَ وَفَاتِهِ، وَهُوَ عَلَى أَحْسَنِ حَالَةٍ (٢)، فَقَالَ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ مِتَّ؟ قَال: بَلَى، وَلكِنْ أَنَا إِنْ شَاءَ اللهُ فِي الأَحْيَاءِ. وَرَآهُ آخَرُ وَعَلَيْهِ ثِيَابٌ حَسَنَةٌ جَمِيْلَةٌ، فَقَالَ لَهُ: أَمَا قَدْ مِتَّ؟ قَالَ: بَلَى، قَالَ: مَاذَا لَقِيْتَ مِنْ رَبِّكَ؟ قَالَ: وَقَفْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ، فَقَالَ: كَمْ


(١) سورة الإنسان، الآية: ١٣.
(٢) الحَالُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ، وَالأكْثَرُ التَّذْكِيْرُ، وَمِنَ التَّأْنِيْثِ قَوْلُ الشَّاعِرِ:
* عَلَى حَالَةٍ لَوْ أَنَّ في القَوْمِ حَاتِمًا *