للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَيَخْرُجُ إِلَى الجَامِعِ رَاجِلًا (١)، وَيَلْبَسُ القُطْنَ، وَكَانَ مُتَحَرِّيًا فِي القَضَاءِ، قَوِيَّ النَّفْسِ فِي الحَقِّ، عَدِيْمَ المُحَابَاةِ وَالتَّكَلُّفِ، حَتَّى إنَّهُ كَانَ يُمكِّنُ الشُّهُوْدَ مِنَ الكِتَابَةِ مِنْ دَوَاتِهِ، وَسَارَ سِيْرَةَ السَّلَفِ (٢)، وَلَمَّا عَزَلَهُ المُسْتَنْصِرُ أَنْشَدَ


(١) وفِي "مُعْجَمِ الأَبْرَقُوْهِيِّ"، تَتِمَّةٌ لِذلِكَ قَالَ: ". . . مَعَ التَّوَاضُعِ التَّامِّ حَتَّى أَنَّهُ يَخْرُجُ إِلَى الجُمُعَةِ مَاشِيًا، وَإِذَا رَكِبَ لَا يُمْكِنُ أَحَدًا مِنَ الصِّيَاحِ بَيْنَ يَدَيْهِ" وَقَوْلُهُ هُنَا: "وَكَانَ يَلْبَسُ القُطْنَ" يَبْدُو أَنَّ كَثِيرًا مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ مِنْ أَهْلِ الثَّرْوَةِ وَالجِدَةِ، أَوِ الجَاهِ وَالسُّلْطَانِ، أَوْ أَهْلِ الوِلَايَاتِ كَالوُزَرَاءِ، وَالكُتَّابِ، وَالقُضَاةِ، وَأَرْبَابِ الدَّوْلَةِ يَلْبَسُوْنَ الثِّيَابَ وَالخِلَعَ مِنَ الحَرِيْرِ، أَوِ المُسَدَّى بِالحَرِيْرِ، لَعَلَّهُمْ يَسْتَجِيْزُونَ لُبْسَهُ علَى رَأَيٍ فِي ذلِكَ.
(٢) فِي "مُعْجَمِ الأَبَرْقُوْهِيُّ": "وَكَانَ صَحِيْحَ السَّمَاعِ، ثِقَةً، كَثِيرَ التَّحَرِّي فِي الرِّوَايَةِ، مُحَقِّقًا لِمَا يُؤَدِّيْهِ، عَالِمًا، غَزِيرَ الفَضْلِ، لَهُ فِي المَذْهَبِ اليَدُ الطُّوْلَى، وَفِي الحَدِيْثِ مَعْرِفَةٌ حَسَنَةٌ، وَكَانَ حَسَنَ المُنَاظَرَةِ، مَلِيْحَ الكَلَامِ فِي فَنِّ الخِلَافِ".
وَنَقَلَ الحَافِظُ الذَّهَبِيُّ عَنِ الحَافِظِ ابْنِ النَّجَّارِ قَوْلُهُ: "رَوَى الكَثِيْرَ، وَكَانَ ثِقَةً، مُتَحَرِّيًا، لَهُ فِي المَذْهَبِ اليَدُ الطُّوْلَى، وَكَانَ لَطِيْفَا، مُتَوَاضِعًا، مَزَّاحًا، كَيِّسًا، وَكَانَ مِقْدَامًا، رَجُلًا مِنَ الرِّجَالِ، سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: كُنْتُ فِي دَارِ الوَزِيرِ القُمِّيِّ، وَهُنَاكَ جَمَاعَةٌ إِذْ دَخَلَ رَجُلٌ ذُو هَيْبَةٍ، فَقَامُوا لَهُ، وَخَدَمُوْهُ، فَقُمْتُ، وَظَنَنْتُهُ بَعْضَ الفُقَهَاءِ، فَقِيْلَ: هَذَا ابْنُ كَرَمٍ اليَهُودِيُّ، عَامِلُ دَارِ الضَّرْبِ، فَقُلْتُ لَهُ: تَعَالَ إِلَيَّ هُنَا فَجَاءَ، وَوَقَفَ بَينَ يَدَيَّ، فَقُلْتُ لَهُ: وَيْلَكَ تَوَهَّمْتُكَ فَقِيْهًا، فَقُمْتُ إِكْرَامًا لِذلِكَ، وَلَسْتَ - وَيْلَكَ - عِنْدِي بِهَذِهِ الصِّفَةِ، ثُمَّ كَرَّرْتُ ذلِكَ عَلَيْهِ، وَهُوَ قَائِمٌ يَقُوْلُ: اللهُ يَحْفَظُكَ، اللهُ يُبْقِيْكَ، ثُمَّ قُلْتُ: اخْسَأْ هُنَاكَ بَعِيدًا عَنَّا، فَذَهَبَ".
قَالَ: وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ رُسِمَ لَهُ بِرِزْقٍ مِنَ الخَلِيْفَةِ، وَأَنَّهُ زَارَ يَوْمَئِذٍ قَبْرَ الإِمَامِ أَحْمَدَ فَقِيْلَ لِي دُفِعَ رَسْمُكَ إِلَى ابْنِ تُومَا النَّصْرَانِيِّ فَامْضِ فَخُذْهُ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَمْضِي، وَلَا أَطْلُبُهُ، فَبَقِيَ ذلِكَ عِنْدَهُ إِلَى أَنْ قُتِلَ - لَعَنَهُ اللهُ - فِي السَّنَةِ الأُخْرَى، وَأُخِذَ الذَّهَبُ مِنْ =