للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

يُسَمَّوْنَ "مُقْبِلي" وَتَوَقَّفَ فَقُلْتُ: الطَّعْنُ؟ فَقَالَ: الطَّعْنُ. فَكَأَنَّ بَعْضَ الحَاضِرِيْنَ نَفَسَ عَلَيَّ سُؤَالَ السُّلْطَانِ لِي، وَإِقْبالَهُ عَلَى كَلَامِي، فَقَالَ: مَنْ أَرْبَعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ مِنْ نَسْلٍ رَأَوُا رَسُوْلَ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -؟ فَقُلْتُ: أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيْقِ، وَأَبُوْهُ أَبُو قُحَافَةَ، وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بنِ أَبِي بَكْرٍ، وَمُحَمَّدُ بنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بنِ أَبي بَكْرٍ. ثُمَّ قَالَ السُّلْطَانُ: هَاتُوا شَيْئًا، فَمَدُّوا لَهُ سُمَاطًا مُخْتَصَرًا جِدًّا، بعْدَ عِشَاءِ الآخِرَةِ بِسَاعَتَيْنِ، فَأَكَلْنَا مَعَهُ، فَقَالَ لِي بَعْضُ أَصْحَابِهِ: هَذَا مِنْ أَجْلِكَ، فَإِنَّ لَهُ أَكْثَرَ مِنْ شَهْرٍ مَا أَكَلَ بِاللَّيْلِ، ثُمَّ أَخَذَ يُثْنِي عَلَى وَالِدِي، وَيَقُوْلُ: مَا أَوْلَدَ إلَّا بَعْدَ الأَرْبَعِيْنَ. قَال: وَكَانَ عَارِفًا بِسِيْرَةِ وَالِدِيْ. وَدَرَّسَ النَّاصِحُ بِعِدَّةِ مَدَارِسَ، مِنْهَا "مَدْرَسَةُ جَدِّهِ شَرَفِ الإسْلَامِ" (١)، وَدَرَّسَ بِـ "المِسْمَارِيَّةِ" (٢) مَعَ أَبِي المَعَالِي أَسْعَدَ بنِ المُنَجَّى (٣)، ثُمَّ اسْتَقَلَّ بِهَا وَحْدَهُ، وَعُزِلَ ابنُ المُنَجَّى، ثُمَّ فِي سَنَةِ خَمْسٍ وَعِشْرِيْنَ اسْتَقَرَّ بَنُو المُنَجَّى بِالتَّدْرِيْسِ بِهَا؛ بِحُكْمِ أَنَّ نَظَرَهَا لَهُم، ثُمَّ بَنَتْ لَهُ الصَّاحِبَةُ رَبِيْعَةُ خَاتُوْن (٤) مَدْرَسَةً بِالجَبَلِ وَهِيَ المَعْرُوْفَةُ بِـ "الصَّاحِبِيَّةِ".


(١) الدَّارِسُ فِي تَارِيْخِ المَدَارِسِ (٢/ ٥٠).
(٢) الدَّارس (١/ ١٤) (٢/ ٨٤)، وَوَاقِفُهَا الحَسَنُ بن مِسْمَارِ الهِلَالِيُّ (ت: ٥٤٦ هـ) تَقَدَّمَ اسْتِدْرَاكُهُ.
(٣) المُتَوَفَّى سَنَةَ (٦٠٦ هـ) ذَكَرَهُ المُؤَلِّفُ فِي مَوْضِعِهِ كَمَا تَقَدَّمَ.
(٤) هِيَ رَبِيْعَةُ بِنْتُ أَيُّوبَ، أُخْتُ صَلَاحِ الدِّيْنِ يُوْسُفَ بْنِ أَيُّوبَ، زَوْجَةُ الأَمِيْرِ الكَبِيْرِ سَعْدِ الدِّيْنِ بْن مَعِيْنِ الدِّيْنِ أنر، تُوُفِّيَتْ سَنَة (٦٤٣ هـ)، وَبَعْدَ وَفَاةِ زَوْجِهَا سَعْدِ الدِّيْنِ زَوَّجَهَا أَخُوهَا مِنَ المَلِكِ مُظَفَّرِ الدِّيْنِ صَاحِبِ "إِرْبِلَ" فَأَقَامَتْ عِنْدَهُ بـ "إِرْبِل" أَزْيَدُ مِنْ أَرْبَعِيْنَ سَنَةً حَتَّى مَاتَ، ثُمَّ قَدِمَتْ "دِمَشْقَ" وَكَانَ فِي خِدْمَتِهَا أَمَةُ اللَّطِيْفِ بِنْتُ النَّاصِحِ بْنِ الحَنْبَلِيِّ فَأَحَبَّتْهَا، وَحَصَلَ لَهَا مِنْ مَحَبَتِهَا أَمْوَالٌ عَظِيْمَةٌ، وَأَشَارَتْ عَلَيْهَا بِبِنَاءِ "المَدرَسَةِ =