للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

اشْتَغَلَ بِالفِقْهِ، وَالحَدِيْثِ إِلَى أَنْ (١) صَارَ إِمَامًا حَافِظًا إِلَى أَنْ قَالَ: وَلَمْ يَرَ فِي زَمَانِهِ مِثْلَ نَفْسِهِ فِي كَمَالِهِ وَبَرَاعَتِهِ، وَجَمَعَ بَيْنَ عِلْمَي الشَّرِيْعَةِ وَالحَقِيْقَةِ، وَكَانَ حَسَنَ الخَلْقِ وَالخُلُقِ، نَفَّاعًا لِلْخَلْقِ، مُطَّرِحًا لِلْتَّكَلُّفِ. مِنْ جُمْلَةِ مَحْفُوظِهِ "الجَمْعُ بَيْنَ الصَّحِيْحَيْنِ" وَحَدَّثَنِي أَنَّهُ حَفِظَ "صَحِيْحَ مُسْلِمٍ" جَمِيْعَهُ، وَكَرَّرَ عَلَيْهِ فِي أَرْبَعةِ أَشْهُرٍ. وَكَانَ يُكَرِّرُ علَى أَكْثَرِ "مُسْنَدِ أَحْمَدَ" مِنْ حِفْظِهِ، وَأَنَّهُ كَانَ يَحْفَظُ فِي الجَلْسَةِ الوَاحِدَةِ مَا يَزِيْدُ علَى سَبْعِيْنَ حَدِيْثًا.

وَقَالَ الحَافِظُ عِزُّ الدِّيْنِ الحُسَيْنِيُّ: هُوَ أَحَدُ المشَايِخِ المَشْهُورِيْنَ، الجَامِعِيْنَ بَيْنَ العِلْمِ وَالدِّيْنِ، وَكَانَ يَحْفَظُ (٢) كَثيرًا مِنَ الحَدِيْثِ النَّبَوِيِّ مَشْهُوْرًا بِذلِكَ -انْتَهَى- وَكَانَ حَرِيْصًا عَلَى سَمَاعِ الحَدِيْثِ وَقِرَاءَتِهِ، مَعَ عُلُوِّ سِنِّهِ، وَعِظَمِ شَأْنِهِ، وَكَانَ أَهْلُ "بَعْلَبَكَّ" يَسْمَعُوْنَ بقِرَاءَتِهِ عَلى المَشَايِخِ الوَارِدِيْنَ عَلَيْهِمْ، كَالقَزْوِيْنِيِّ، وَبَهَاءِ الدِّيْنِ المَقْدِسِيِّ، وَابْنِ رَوَاحَةَ الحَمَوِيِّ، وَغَيْرِهِمْ. وَكَانَ ذَا أَحْوَالٍ وَكَرَامَاتٍ، وَأَوْرَادٍ، وَعِبَادَاتٍ، لَا يُخِلُّ بِهَا، وَلَا يُؤَخِّرُهَا عَنْ وَقْتِهَا لِوُرُوْدِ أَحَدٍ عَلَيْهِ، وَلَوْ كَانَ مِنَ المُلُوْكِ، وَكَانَ لَا يَرَى إِظْهَارَ الكَرَامَاتِ، وَيَقُوْلُ: كَمَا أَوْجَبَ اللهُ عَلَى الأنْبِيَاءِ إِظْهَارَ المُعْجِزَاتِ، أَوْجَبَ علَى الأوْلِيَاءِ إِخْفَاءَ الكَرَامَاتِ، وَيُرْوَى عَنِ الشَّيْخِ عُثْمَانَ شَيْخِ "دِيْر نَاعِسٍ" (٣) وَكَانَ مِنْ أَهْلِ الأحْوَالِ -قَالَ: قَطُبَ الشَّيْخُ الفَقِيْهُ ثَمَانِ عَشْرَةَ


(١) في (ط): "أَنْ إِلَى".
(٢) في (ط): "حفظ" وَهُوَ فِي "صِلَةِ التَّكْمِلَةِ" لِلْحُسَيْنِيِّ كَمَا هُوَ مُثْبَتٌ.
(٣) "دير نَاعِس" لَمْ يَذْكُرْهُ الشَّابُشْتِيُّ فِي كِتَابِهِ "الدِّيَّارَات" وَلَا ذَكَرَهُ أَبُو الفَرَجِ الأصْبَهَانِيُّ =