للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

شَيْءٌ قَلِيْلٌ. وأَخُوْهُ يَقُوْمُ بِمَصَالِحِهِ، ولَا يَطْلُبُ مِنْهُم غَدَاءً وَلَا عَشَاءً فِي غَالِبِ الوَقْتِ. وَمَا رَأَيْتُ فِي العَالَمِ أَكْرَمَ مِنْهُ، وَلَا أَفْرَغَ مِنْهُ عَنِ الدِّيْنَارِ والدِّرْهَمِ، لَا يَذْكُرُهُ، ولَا أَظُنُّهُ يَدُوْرُ فِي ذِهْنِهِ. وَفِيْهِ مُرُوْءَةٌ، وَقِيَامٌ مَعَ أَصْحَابِهِ، وَسَعْيٌ فِي مَصَالِحِهِمْ، وَهُوَ فَقِيْرٌ لَا مَالَ لَهُ، وَمَلْبُوْسُهُ كآحَادِ الفُقَهَاءِ؛ فُرَّجِيَّةٌ، وَدِلْقٌ، وَعِمَامَةٌ تَكُوْنُ قِيْمَةَ ثَلَاثِيْنَ دِرْهَمًا، ومَدَاسٌ ضَعِيْفُ الثَّمنِ، وَشَعْرُهُ مَقْصُوْصٌ، وَهُوَ رَبْعُ القَامَةِ، بَعِيْدُ مَا بيْنَ المَنْكِبَيْنِ، كَأَنَّ عَيْنَيْهِ لِسَانَانِ نَاطِقَانِ، وَيُصَلِّي


= لَا أَسْتَطِيْعُ لِنَفْسِي جَلْبَ مَنْفَعَةٍ … وَلَا عَنِ النَّفْسِ فِي دَفْعِ المَضَرَّاتِ
وَلَيْسَ لِي دُوْنَهُ مَوْلًى يُدَبِّرُنِي … وَلَا شَفِيْعٌ إِلَى رَبِّ البَرِيَّاتِ
إِلَّا بِإِذْنٍ مِنَ الرَّحْمَنِ خَالِقِنَا … إِلَى الشَّفِيْعِ كَمَا قَدْ جَا فِي الآيَاتِ
وَلَستُ أَمْلِكُ شَيْئًا دُوْنَهُ أَبَدًا … وَلَا شَرِيْكُ أَنَا فِي بَعْضِ ذَرَّاتِ
وَلَا ظَهِيْرَ لَهُ كَيْمَا يُعَاوِنُهُ … كَمَا يَكُوْنُ لأَرْبَابِ الوِلَايَاتِ
وَالفَقْرُ لِي وَصْفُ ذَاتِي لَازِمٌ أَبَدًا … كَمَا الغِنَى أَبَدًا وَصْفٌ لَهُ ذَاتِي
وَهذِهِ الحَالُ حَالُ الخَلْقِ أَجْمَعِهِ .... وَكُلُّهُمْ عِنْدَهُ عَبْدٌ لَهُ آتِي
فَمَنْ بَغَى مَطْلَبًا منْ دُوْنِ خَالِقِهِ … فَهْوَ الجَهُوْلُ الظَّلُوْمُ المُشْرِكُ العَاتِي
وَالحَمْدُ للهِ مِلْءَ الكَوْنِ أَجْمَعِهِ … مَا كَانَ فِيْهِ وَمَا مِنْ بَعْدِهِ يَاتِي
قَالَ العُلَيْمِيُّ: "وَهَذِهِ الأَبْيَاتُ مُتَضَمِّنَةٌ حُسْنَ اعْتِقَادٍ وَافْتِقَارٍ".
يَقولُ الفَقِيْرُ إلَى اللهِ تَعَالَى عَبْدُ الرَّحمَن بْنُ سُلَيْمَان العُثَيْمِيْن - عَفَا اللهُ عَنْهُ -: هَذِهِ الأَبْيَاتُ مِنْ حَيْثُ الصِّيَاغَةِ الأَدَبِيَّة الفَنِّيَّةِ فِي غَايةِ الرَّدَاءَةِ، لَوْ سَلِمَ مِنْهَا الشَّيْخُ لَكَانَ أَوْلَى. وَلَعَلَّ نِسْبَتَهَا إِلَى الشَّيْخِ لَا تَصِحُّ، فَالعُلَيْمِيُّ لَمْ يُسْنِدْهَا؟! وَإِذَا صَحَّتْ فَهِيَ شِعْرُ عَالِمٍ لا شِعْرُ شَاعِرٍ. وَلَا شَكَّ أَنَّ ابنَ تَيْمِيَّةَ لَا يُعَدُّ فِي الشُّعَرَاءِ، وَمَا نُسِبَ إِلَيْهِ مِنَ الشِّعْرِ إِنَّمَا هُوَ مُشَارَكَةٌ.