للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِيْنَ، وَلَمَّا بَلَغَ إِلَى قَوْلهِ عَزَّ وَجَلَّ (١): {فَلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ} قَالَ: فِي كُلِّ اسْمٍ مِنْ أَسْمَاءِ اللهِ تَعَالَى سِرٌّ خَفِيٌّ. وَأَخَذَ يُفَسِّرُ خَفَايَا الأَسْمَاءِ حَتَّى بَلَغَ المُمِيْتُ، فَأُخْرِجَ مِنَ البَلَدِ فِي الفِتْنَةِ الأَخِيْرَةِ، فَلَمَّا عَادَ سَنَةَ ثَمَانِيْنَ، عَقَدَ المَجْلِسَ عَلَى أَمْرٍ جَدِيْدٍ، وَلَمْ يَكْمُلِ الكَلَامَ عَلَى الأَسْمَاءِ الحُسْنَى، وَأَخَذَ يَسْتَعْجِلُ فِي التَّفْسِيْرِ، وَيُفَسِّرُ فِي مَجْلِسٍ وَاحِدٍ مِقْدَارَ عَشْرِ آيَاتٍ أَوْ نَحْوِهَا، يُرِيْدُ أَنْ يَخْتِمَ فِي حَيَاتِه، فَلَمْ يَقْدِرْ لَهُ عَلَى ذلِكَ، وَتُوُفِّيَ وَقَدْ انْتَهَى إِلَى قَوْلِهِ عَزَّ وَجَلَّ (٢): {قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨)}.

وَقَالَ ابنُ طَاهِرٍ الحَافِظُ: سَمِعْتُ (٣) الأَنْصَارِيَّ يَقُوْلُ: إِذَا ذَكَرْتُ التَفْسِيْرَ فَإِنَّمَا أَذْكُرُهُ مِنْ مَائَةٍ وَسَبْعَةِ تَفَاسِيْرَ. قَالَ: وَجَرَى يَوْمًا - وَأَنَا بَيْنَ يَدَيْهِ - كَلَامٌ، فَقَالَ: أَنَا أَحْفَظُ اثْنَى عَشَرَ أَلْفَ حَدِيْثٍ أَسْرُدُهَا سَرْدًا، قَالَ: وَقَطُّ مَا ذَكَرَ فِي مَجْلِسِهِ حَدِيْثًا إلَّا بِإِسْنَادِهِ. وَكَانَ يُشِيْرُ إِلَى صِحَّتِهِ وَسَقَمِهِ.

وَقَالَ الرُّهَاوِيُّ: سَمِعْتُ أَبَا بِشْرٍ مُحَمَّدَ بنَ مُحَمَّدِ بنِ هِبَةِ اللهِ الهَمَذَانِيُّ (٤) بِـ "هَمَذَانَ" يَقُوْلُ: سَمِعْتُ بَعْضَ الأُدَبَاءِ يَقُوْلُ: سُئِلَ شَيْخُ الإِسْلَامِ الأَنْصَارِيُّ عَنْ تَفْسِيْرِ آيَةٍ؟ فَأَنْشَدَ أَرْبَعِمَائَةَ بَيْتٍ مِنْ شِعْرِ الجاهِلِيَّةِ، فِي كُلِّ بَيْتٍ مِنْهَا


(١) سورة السَّجدة، الآية: ١٧.
(٢) سُورة ص.
(٣) في (ط) الفقي فقط: "سَمِعْتُ شَيْخَنَا الأنْصَارِيَّ .. ".
(٤) لَمْ أَقِفْ عَلَى تَرْجَمَتِهِ.