للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

فَمَاتَ فِي المَجْلِسِ، وَكَانَ يَوْمًا مَشْهُوْدًا، فَقَالَ المُخَالِفُوْنَ فِي المَذْهَبِ: كَيْفَ نَعْمَلُ إِنْ لَمْ يَمُتْ فِي مَجْلِسِنَا أَحَدٌ، وَإِلَّا كَانَ وَهْنًا، فَعَمَدُوا إِلَى رَجُلٍ غَرِيْبٍ، دَفَعُوا لَهُ عَشَرَةَ دَنَانِيْرٍ، فَقَالُوا: احْضُرْ مَجْلِسَنَا، فَإِذَا طَابَ المَجْلِسُ فَصِحْ صَيْحَةً عَظِيْمَةً، ثُمَّ لَا تتَكَلَّمْ حَتَّى نَحْمِلَكَ وَنَقُوْلُ: مَاتَ، وَنَجْعَلَكَ فِي بَيْتٍ، فَاذْهَبْ فِي اللَّيْلِ، وَسَافِرْ عَنِ البَلَدِ، فَفَعَلَ، وَصَاحَ صَيْحَةً عَظِيْمَةً، فَقَالُوا: مَاتَ، وَحُمِلَ، فَجَاءَ رَجُلٌ مِنَ الحَنَابِلَةِ، وَزَاحَمَ حَتَّى حَصَلَ تَحْتَهُ، وَعَصرَ عَلَى خُصاهُ، فَصَاحَ الرَّجُلُ فَقَالُوا: عَاشَ، عَاشَ، وَأَخَذَ النَّاسُ فِي الضَّحِكِ، وَقَالُوا: المُحَالُ يَنْكَشِفُ.

قَالَ النَّاصِحُ: وَكَانَ الشَّيْخُ مُوَفَّقُ الدِّيْنِ المَقْدِسِيُّ يَقُوْلُ: كُلُّنَا فِي بَرَكَاتِ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ. قَالَ: وَحَدَّثَنِي - وَنَحْنُ بِـ "بَغْدَادَ" - قَالَ: لَمَّا قَدِمَ الشَّيْخُ أَبُو الفَرَجِ إِلَى بِلَادِهِم مِنْ أَرْضِ بَيْتِ المَقْدِسِ تَسَامَعَ النَّاسُ بِهِ، فَزَارُوْهُ مِنْ أَقْطَارِ تِلْكَ البِلَادِ قَالَ: فَقَالَ جَدِّي قُدَامَةُ لِأَخِيْهِ: تَعَالَ نَمْشِي إِلَى زِيَارَةِ هَذَا الشَّيْخِ لَعَلَّهُ يَدْعُو لَنَا. قَالَ: فَزَارَاهُ (١)، فَتَقَدَّمَ إِلَيْهِ قُدَامَةُ فَقَالَ لَهُ: يَا سَيِّدِي، ادْعُ لِي أَنْ يَرْزُقَنِي اللهُ حِفْظَ القُرْآنَ، قَالَ: فَدَعَا لَهُ بِذلِكَ، وَأَخُوْهُ لَمْ يَسْأَلْهُ شَيْئًا، فَبَقِيَ عَلَى حَالِهِ، وَحَفِظَ قُدَامَةُ القُرْآنَ، وَانْتَشَرَ الخَيْرُ مِنْهُمْ بِبَرَكَاتِ دَعْوَةِ الشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ.

وَلِلشَّيْخِ أَبِي الفَرَجِ تَصَانِيْفٌ عِدَّةٌ فِي الفِقْهِ وَالأُصُوْلِ، مِنْهَا: "المُبْهِجُ"


(١) في (ط) بطبعتيه، و (ب) و (هـ): "فزاروه" وَمَا أَثْبَتُّهُ من (جـ) هو الأَصَحُّ.