للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

غَيْرِهَا، ثُمَّ يُقَالُ: إِذَا وَقَفَهَا (١) ابْتِدَاءً وَهِيَ مُتَعَطِّلَةٌ، فَإِنْ كَانَ يُمْكِنُ الانْتِفَاعُ بِهَا فِيْمَا وُقِفَتْ لَهُ كَوَقْفِ أَرْضٍ سَبَاخٍ مَسْجِدًا صَحَّ وَقْفُهَا.

فَإِنْ قِيلَ: مَعَ هَذَا يُقَرُّ لِحَالِهِ (٢) وَلَا يُبَاعُ؛ فَلأَنَّهُ لَمْ يُفْقَدْ مِنْهُ شيءٌ مِنْ مَنَافِعِهِ المَوْقُوْفَةِ. بِخِلَافِ المَسْجِدِ العَامِرِ إِذَا خَرِبَ، وَإِنْ لَمْ يُمْكِن الانْتِفَاعُ بِهَا فِيْمَا وَقَفتْ لَهُ، كَفَرَسٍ زَمِنٍ حُبِسَ لِلجِهَادِ، فَهَذَا كَيْفَ يَصِحُّ وَقْفُهُ وَالمَقْصُودُ مِنْهُ مَفْقُوْدٌ؟ فَإِنَّ هَذَا بِمَنْزِلَةِ إِجَارَةِ (٣) أَرْضِ سَبِخَةٍ للزَّرْعِ، وَبَعِيْرٍ زَمَنٍ لِلرُّكُوْبِ، وَإِنْ سَلَّمْنَا صِحَّةَ إِنْشَاءِ وَقْفِهَا، وَأَنَّهَا تُبَاعُ، وَيُصْرَفُ ثَمَنُهَا، فِيْمَا يُنْتَفَعُ بِهِ، كَمَا هُو ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي مَسْأَلَةِ السُّرُجِ الفِضِّيَّةِ، وَأَفْتَى بِمِثْلِهِ جَمَاعَةٌ فِي وَقْفِ السُّتُوْرِ عَلَى المَسْجِدِ، فَهَذَا حُجَّةٌ لَنَا، لأَنَّ صِحَّةَ الوَقْفِ لَمَّا لَمْ تُنَافِ جَوَازَ البَيْعِ وَالإِبْدَالِ، بَلْ وُجْوْبَهَا فِي الابْتِدَاءِ، فَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يَكُوْنَ فِي الدَّوَامِ.

وَقَوْلُهُ: وَهَذَا القَدْرُ مِنْ بَقَاءِ المَالِيَّةِ لَا يَجُوْزُ مَعَهُ قَطْعُ دَوَامِ الوَقْفِ، دَعْوَى مُجَرَّدَةٌ.

قَالَ المُخَرِّمِيُّ: فَمَا طُلِبَ بِالنَّقْلِ وَالبَيْعِ إِلَّا دَوَامُ النَّفْعِ، فَإِنَّ نَقْلَ الوَقْفِ إِلَى مَكَانٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَبْقَى للْنَّفْعِ.

قَالَ ابنُ عَقِيْلٍ: إِلَّا أَنَّكَ لَمَّا أَسْقَطْتَ حُكْمَ العَيْنِ وَالتَّعِيْينِ، وَذلِكَ إِسْقَاطٌ،


(١) في هامش (أ): "وقف" قِرَاءَةُ نُسْخَةٍ أُخْرَى.
(٢) في (أ) و (ب): "بحاله".
(٣) في (ط) الفقى: "إجازة".