للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

القَضَاءِ بَعْدَ الحَصَادِ، مَعَ فَرَاغِ البُيُوْتِ مِنَ الأَقْوَاتِ. وَأَمَّا فِي المَاءِ: فَقَالَ: {لَوْ نَشَاءُ جَعَلْنَاهُ أُجَاجًا} أَيْ الآنَ؛ لأَنَّا لَوْ أَخَّرْنَا ذلِكَ لَشَرِب العَطْشَانِ، وَادَّخَرَ مِنهُ الإِنْسَانُ.

وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (١) {رَبَّنَا لَا تَجْعَلْنَا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا} قَالَ المَعْنَى: لَا تَبْتَلِيْنَا بِأَمْرٍ يُوْجِبُ افْتِتَانَ الكُفَّارِ بِنَا، فَإِنَّهُ إِذَا خُذِلَ المُتَّقِي، ونُصِرَ العَاصِي، وَفُتِنَ الكَافِرَ، وَقَالَ: لَوْ كَانَ مَذْهَبُ هَذَا صَحِيْحًا مَا غُلِبَ.

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: (٢) "إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ سُلْسِلَتِ الشَّيَاطِينُ" قَالَ: إِنَّ الشَّيَاطِينَ لِلْعَاصِي فِي غَيْرِ رَمَضَانَ كَالعُكَّازِ يَقُوْلُ: سَوَّلَ لِي، وَغَرَّنِي، فَإِذَا سُلْسِلَ الشَّيْطَانُ قَلَّ عُذْرُ العَاصِي.

وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي حَدِيْثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: (٣) "كَانَ أَكْثَرَ صَوْمِ رَسُوْلِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - فِي شَعْبَانَ"، قَالَ مَا أَرَى هَذَا إِلَّا وَجْهَ الرِّيَاضَةِ؛ لأَنَّ الإِنْسَانَ إِذَا هَجَمَ بِنَفْسِهِ عَلَى أَمْرٍ لَمْ يَتَعَوَّدْهُ صَعُبَ عَلَيْهِ، فَدَرَّجَ نَفْسَهُ بِالصَّوْمِ فِي شَعْبَانَ لِأَجْلِ رَمَضَانَ.


(١) سُورة المُمْتَحَنَة، الآية: ٥.
(٢) رَواهُ البُخَارِي (١٨٩٨)، وَمسلم في "الصِّيام" (١/ ٢) وَلَفْظُهُ: "إذَا جَاءَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابَ الجَنَّةِ وغُلِّقَتْ أَبْوَابُ النَّارِ وَصُفِّدَتِ الشَّيَاطِيْنُ".
(٣) رَوَاهُ البُخَارِيُّ رقم (١٩٦٩)، وَمُسْلِمٌ رقم (١٧٥)، مِنْ حَدِيْثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: "مَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثرُ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ"، وانْظُر: "التَّرْغِيبُ والتَّرهيب" التَّرْغِيبُ فِي صَوْمِ شَعْبَانَ، وَمَا جَاءَ فِي صِيَامِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -. عَنْ هَامِش "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".