للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ - صلى الله عليه وسلم -: (١) "أَعُوْذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا لَمْ أَعْمَلْ". قَالَ لَهُ مَعْنَيَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ الإِنْسَانَ يَبْلُغُهُ أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ عَمِلَ الشَّرَّ فَيَرْضَى بِهِ، أَوْ يتَمَنَّى أَنْ يَعْمَلَ مِثْلَهُ، فَهَذَا شَرُّ مَا لَمْ يَعْمَلْ.

وَالثَّانِي: أَنَّ الرَّجُلَ قَدْ لَا يَشْرَبُ الخَمْرَ، فَيُعْجَبُ بِنَفْسِهِ كَيْفَ لَا يَشْرَبُ، فَيَكُونُ العَجَبُ بِتَرْكِ الذَّنْبِ شَرُّ مَا لَمْ يَعْمَلْ.

وَذَكَرَ صَاحِبُ سِيْرَةِ الوَزِيْرِ قَالَ: سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (٢) {وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَامُوسَى (١٧) قَالَ هِيَ عَصَايَ} قَالَ: فِي حَمْلِ العَصَا عِظَةٌ؛ لأَنَّهَا مِنْ شَيءٍ قَدْ كَانَ نَامِيًا فَقُطِعَ، فَكُلَّمَا رَآهَا حَامِلُهَا تَذَكَّرَ المَوْتَ. قَالَ: وَمِنْ هَذَا قِيْلَ لاْبنِ سِيْرِيْنَ - رَحِمَهُ اللهُ - رَجُلٌ رَأَى فِي المَنَامِ أَنَّهُ يُضْرَبُ بِطَبْلٍ؟ فَقَالَ: هَذِهِ مَوْعِظَةٌ؛ لأَنَّ الطَّبْلَ مِنْ خَشَبٍ قَدْ كَانَ نَامِيًا فَقُطِعَ، وَمِنْ أَغْشِيَةٍ كَانَتْ جُلُوْدَ حَيَوَانٍ قَدْ ذُبِحَ، وَهَذَا أَثَرُ المَوْعِظَةِ.

وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: (٣) {فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ} الآيَة، قَالَ: المَرِيْضُ يَجِدُ الطُّعُوْمَ عَلَى خِلَافِ مَا هِيَ عَلَيْهِ، فَيَرَى الحَامِضَ حُلْوًا وَالحُلْوُ مُرًّا، وَكَذلِكَ هَؤُلَاءِ يَرَوْنَ الحَقَّ بَاطِلًا، وَالبَاطِلَ حَقًّا.


(١) رَوَاهُ مُسْلِمٌ رقم (٧٢١٦) (٦٥، ٦) من حَدِيْثِ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - وَرَوَاهُ أَبُو دَاودَ (١٥٥٠)، وَابنُ مَاجَهْ رقم (٣٨٣٩)، وَالنَّسَائِيُّ (٥٥٢٥)، وَرَوَاهُ ابنُ أَبي عَاصِمٍ في السُّنَّة رقم (٣٧٠)، عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا - قَالَتْ: كَانَ مِن دُعَاءِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم -: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوْذُ بِكَ مِن شَرِّ مَا عَمِلْتُ وَمنْ شَرِّ مَا لَم أَعْمَلُ". عَنْ هَامِشِ "المَنْهَجِ الأَحْمَدِ".
(٢) سُورة طه.
(٣) سُورة البقرة، الآية: ١٠.