للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رقم الحديث:

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: مَا أَنْزَلَ اللهُ آيَةً إِلَّا وَالعُلَمَاءُ قَدْ فَسَّرُوْهَا، لَكِنَّهُ يَكُوْنُ لِلآيَةِ وُجُوْهٌ مُحْتَمَلَاتٌ، فَلَا يَعْلَمُ مَا المُرَادُ مِنْ تِلْكَ الوُجُوْهِ المُحْتَمَلَاتِ إِلَّا اللهُ عَزَّ وَجَلَّ.

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى (١): {إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ (٢٥)} قَالَ: العَرَبُ لَا تَعْرِفُ "ذَا" وَلَا "هَذَا" إِلَّا فِي الإِشَارَةِ إِلَى الحَاضِرِ، وَإِنَّمَا أَشَارَ هَذَا القَائِلُ إِلَى هَذَا لمَسْمُوْعُ. فَمَنْ قَالَ: إِنَّ المَسْمُوْعَ عِبَارَةٌ عَنِ القَدِيْمِ، فَقَدْ قَالَ: هَذَا قَوْلُ البَشَرِ.

قَالَ مُصَنِّفُ سِيْرَتِهِ: كَثِيْرًا مَا سَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: لَيْسَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ إِلَّا الاتِّبَاعِ فَقَطْ، فَمَا قَالَهُ السَّلَفُ قَالَهُ، وَمَا سَكَتُوْا عَنْهُ سَكَتَ عَنْهُ؛ فَإِنَّهُ كَانَ يُنْكِرُ (٢) أَنْ يُقَالَ: لَفْظِي بِالقُرْآنِ مَخْلُوْقٌ، أَوْ غَيْرَ مَخْلُوْقٍ، لأَنَّهُ لَمْ يُقَلْ. وَكَانَ يَقُوْلُ فِي آيَاتِ الصِّفَاتِ: تُمَرُّ كَمَا جَاءَتْ.

قَالَ: وَسَمِعْتُهُ يَقُوْلُ: تَفَكَّرْتُ فِي أَخْبَارِ الصِّفَاتِ، فَرَأَيْتُ الصَّحَابَةَ وَالتَّابِعِيْنَ سَكَتُوْا عَنْ تَفْسِيْرِهَا، مَعَ قُوَّةِ عِلْمِهِمْ، فَنَظَرْتُ السَّبَبَ فِي سُكُوتِهِمْ، فَإِذا هُوَ قُوَّةُ الهَيْبَةِ لِلْمَوْصُوْفِ، وَلأَنَّ تَفْسِيْرَهَا، لَا يَتَأَتَّى إِلَّا بِضَرْبِ الأَمْثَالِ للهِ، وَقَدْ قَالَ عَزَّ وَجَلَّ (٣): {فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ} قَالَ: وَكَانَ يَقُوْلُ: لَا


(١) سورة المدَّثر، الآية: ٢٥.
(٢) في (ط): "يكثر".
(٣) سورة النَّحل، الآية: ٧٤.