للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لأجل الدرس ولا يقطع في صيف ولا في شتاء ولا في خريف ولا في ربيع، حتى أنه ربما يكون في بعض أيامه منحرف المزاج ولا يترك الدرس، وكان لطيف المعاشرة حسن العبارة كريماً في بيته بشوشاً كثير المذاكرة في المسائل العلمية خصوصاً في مسائل الفرائض والمناسخات، فإنه كان صاحب ولع عظيم في ذلك. وكان حسن الأخلاق طيب الأعراق، متواضعاً منقطعاً للطلب والعبادة والمطالعة والعمل، وكان يعتمد عليه في الاستفتاء فكانت أهالي القرايا القريبة إليه من أهل المرجين والغوطة يحضرون إليه ويعتمدون عليه، ويسألونه عن قضاياهم، ويأخذون منه الفتوى لإقناع خصمهم، فيقنع بها بعد تحققها ولا يردها. وكان لا يفتي في مسئلة سواء كانت مما يتعلق بالعبادات أو المعاملات إلا بعد المراجعة والوقوف على النص.

وبالجملة فإنه كان قليل المثال خصوصاً في القرايا فإن وجود مثله نادر، وما زال على عبادته وتقواه وإقباله على مولاه في سره ونجواه، وتمسكه بالإفادة والاستفادة وسلوكه في مناهج السادة القادة، إلى أن دعاه إلى الآخرة والدار الفاخرة، هادم اللذات ومفرق الجماعات. وذلك قريباً من سنة ألف ومائتين وثمانين، ودفن هناك في القرية وقبره ظاهر معروف مشهور.

[الشيخ محمد بن الشيخ مصطفى بن الشيخ يوسف بن الشيخ علي الطنطاوي الأزهري]

إنسان طرف الفضل ومقلة مآقيه، وفارع هضبة البيان وراقي مراقيه، زرت على الفضل أطوافه: وما اهتاجت إلا للكمال أشواقه، ترقى في معارج العلوم إلى أن استوى على عرش المنطوق والمفهوم، فلا ريب أنه في النباهة آية، لم تفته من مطالبه غاية، فكل خاطر ينفد إلا خاطره، وكل سحاب ينفد إلا سحاب يسح من فكره ماطره. تحلى بالصيانة والزهد،

<<  <   >  >>