للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ألم تعلم أينا أبهى محيا، وشتان ما بين الثرى والثريا، ولا ريب أن الحسن في الجميل، عنوان على أنه رب الإحسان والجميل، وقد قال من نؤمل بره ونرجوه اطلبوا الخير عند حسان الوجوه فأنا مفتاح خزائن الأرزاق، وبي يستفتح باب المنعم الرزاق، وهل يخفى حسني وجمالي على إنسان، أو يحتاج فضلي وكمالي إلى برهان، وعرضي عار عن الدنية والعار، ونور البدر من ضيائي مستعار، ولولاي ما تميز الحسن من القبح، ولا أحيا ميت الكرى نسيم الصبح،

وليس يصح في الأذهان شيء ... إذا احتاج النهار إلى دليل

وإن ذكرت الذين يبيتون لربهم سجداً وقياماً معرضاً بكل غافل لاه، فلي في كل مجال، " رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله "، وأين من احتجب بظلمات بعضها فوق بعض، ممن أضحى ينظر في ملكوت السموات والأرض، فإن أولي الألباب، رأوا الدنيا دار الأسباب، فلزموا الأدب مع الله باستعمالها وقلوبهم عاكفة على الباب، وقد أتحفني بالصلاة الوسطى فأوتر بها صلواتي، وشرع فيها الإسراء لأسرار اختصت بها أهل جلواتي، وكفاني شرفاً شهر رمضان، الذي أنزل فيه القرآن، فيا له من شهر أيامه للخيرات مواسم، وهي للجباه غرر وللثغور مباسم، فمآثري مشهورة في القديم والحديث، وبها نطق الكتاب العزيز والحديث، ومحاسني واضحة لأولي الأبصار، وهل تخفى الشمس في رابعة النهار؟ ثم انحدر من منبره، وقد أيد حديث خبره بآية مخبره، ولما جن الليل، اجلب عليه بالرجل والخيل، فسد ما بين الخافقين بسواده، وطفق يرمي بسهام جداله وجلاده، مقدماً بين يدي نجواه سورة القدر، آية على ما حازه من كمال الرفعة والقدر، ثم قال سحقاً لك أيها النهار، لقد أسست بنيانك على شفا جرف هار، تناضلني ومني كان انسلاخك وظهورك، وتفاضلني وبي أرخت أعوامك وشهورك، كيف أطعت هواك في عقوقي، وأضعت جميع مطالبي وحقوقي، ألم يأن لك أن تخشع للذكر، فتعترف لي برتبة التقديم في الذكر، وهل الأعمى سوى المحجوب عن المحبوب،

<<  <   >  >>